( قال ) : وإذا غسل عند قتل الرجل شهيدا وهو جنب رضي الله عنه ولم يغسل أبي حنيفة عندهما قالا : صفة الشهادة تتحقق مع الجنابة وهي مانعة من غسله لإبقاء أثر الشهادة عليه وحنظلة بن عامر إنما غسلته الملائكة عليهم السلام إكراما له [ ص: 58 ] ولو كان الغسل واجبا على بني آدم لم يكتف رسول الله صلى الله عليه وسلم بغسل الملائكة إياه وحيث اكتفى دل أنه لم يكن واجبا رضي الله عنه حديث { ولأبي حنيفة فإنه لما استشهد يوم حنظلة أحد غسلته الملائكة فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أهله عن حاله فقالت زوجته : أصاب مني فسمع الهيعة فأعجله ذلك عن الاغتسال فاستشهد وهو جنب فقال عليه الصلاة والسلام : هو ذاك } . { ولما مات رحمه الله تعالى قال عليه الصلاة والسلام : بادروا بغسل سعد بن معاذ لا تبادرنا به الملائكة كما بادرونا بغسل سعد حنظلة } فهو دليل على أن لو لم تغسله الملائكة حتى علم رسول الله صلى الله عليه وسلم لغسله وإنما لم يعد لأن الواجب تأدى بفعل { حنظلة آدم ثم قالوا : هذه سنة موتاكم ولم يعد أولاده غسله } ثم صفة الشهادة تمنع وجوب الغسل بالموت ولا تسقط ما كان واجبا ألا ترى أنه لو كان الملائكة فإنهم غسلوا تغسل تلك النجاسة ولا يغسل الدم عنه فكذلك ههنا في حق الطاهر الغسل يجب بالموت فصفة الشهادة تمنع منه وفي حق الجنب الغسل كان واجبا قبل الموت فلا يسقط بصفة الشهادة وعلى هذا الاختلاف إذا في ثوب الشهيد نجاسة فإن انقطع دم الحيض ثم استشهدت فيه روايتان عن استشهدت قبل انقطاع الدم رضي الله تعالى عنه : إحداهما أنها لا تغسل لأن الاغتسال ما كان واجبا عليها قبل الانقطاع والأخرى أنها تغسل لأن الانقطاع قد حصل بالموت والدم السائل موجب للاغتسال عند الانقطاع والله سبحانه وتعالى أعلم . أبي حنيفة