قال في شيء مما ذكرنا إلا ومعه خصم حاضر ; لأن شرط قبول البينة [ ص: 11 ] الدعوى والإنكار ، فكما أن انعدام الدعوى يمنع قبول البينة ، فكذلك انعدام الإنكار ، ولا يتحقق الإنكار إلا من خصم حاضر ، وكان : ولا يقبل من الوكيل شهادة على الوكالة - رحمه الله - يقبل البينة على هذا من غير خصم ، ويقول : الوكيل بهذه البينة لا يلزم أحدا شيئا ، وإنما يثبت كونه نائبا عن موكله ، وليس فيه إلزام شيء على موكله فلا معنى لاشتراط حضور الخصم ، ولكنا نقول إنما سميت : البينة ، لكونها مبينة في حق المنكر ، وذلك لا يتحقق إلا بمحضر من الخصم ، فإن ابن أبي ليلى أن يكتب شهادة شهوده إلى قاضي بلد ينقل شهادتهم في كتابه إلى مجلس القاضي الذي فيه الخصم ، كما أن شهود الفرع ينقلون شهادة الأصول بعبارتهم ، فكما لا يشترط في إشهاد الفروع حضرة الخصم ، فكذلك هنا ، وإن أقام البينة على الوكالة بغير محضر من الخصم - واليمين من القاضي - جاز قضاؤه ; لأنه قضى في فصل مختلف فيه ، فإن العلماء - رحمهم الله - مختلفون في سبب القضاء هنا : أن قبل القاضي البينة بغير خصم وقضى بها فإذا قضى بها القاضي فقد أمضى فصلا مجتهدا فيه باجتهاده ، فلهذا لا يفسد قضاؤه ، قال : ولأحد الوكيلين بالخصومة أن يخاصم ، وليس له أن يقبض أولا بقول الوكيل بالخصومة ، له أن يقبض المال عندنا ، وليس له أن يقبض عند البينة هل هي حجة بغير محضر خصم أم لا ؟ - رحمه الله - لأنه أمر بالخصومة فقط ، والخصومة لإظهار الحق ، والاستيفاء ليس من الخصومة ، ويختار في الخصومة ألح الناس ، وللقبض آمن الناس ، فمن يصلح للخصومة لا يرضى بأمانته عادة ، ولكنا نقول : الوكيل بالشيء مأمور بإتمام ذلك الشيء ، وإتمام الخصومة يكون بالقبض ; لأن الخصومة قائمة ما لم يقبض ، ولأن المقصود بالخصومة الوصول إلى الحق وذلك بالقبض يكون ، والوكيل بالشيء يحصل ما هو المقصود به . زفر