فإن لم يجز على الوكيل الأول ; لأن حق القبض ثابت له بظهور وكالته وهو مسلم ، فشهادة الذميين عليه بإبطال حقه لا تكون مقبولة ، ولو كان الوكيل الأول ذميا جازت عليه ; لأن شهادة كان الطالب ذميا فشهد مسلمان أنه وكل هذا المسلم بقبض دينه على هذا ، والمطلوب مقر وشهد الذميان أنه عزله عن الوكالة ووكل هذا الآخر أهل الذمة في إبطال حقه حجة عليه . وإذا فهو جائز ; لأنهما يشهدان على أبيهما في إبطال حق القبض الثابت له ، ويشهدان للآخر بثبوت حق القبض له ، وليس بينه وبينهما سبب التهمة ، ولو كان الشاهدان أميني الوكيل لم تجز شهادتهما على الوكالة لأبيهما ; لأنهما يشهدان بثبوت حق القبض له ، ويجوز على إخراج الأول ; لأنهما يشهدان عليه بالعزل وبطلان حقه في القبض ، وإذا شهد ابنا الوكيل أن الطالب أخرج أباهما عن الوكالة ووكل هذا الآخر بقبض المال قبلت شهادتهما في قول شهد أنه جعله وكيلا في الخصومة في الدين الذي على فلان ، وشهد الآخر أنه وكله بقبضه - رحمه الله - في الخصومة والقبض جميعا . أبي حنيفة
وعند أبي يوسف - رحمهما الله - تقبل في القبض إذا أقر المطلوب بالدين ، ولا تقبل في الخصومة إذا جحد المطلوب الدين ، وفي قول ومحمد - رحمه الله - " لا تقبل في واحد منهما " وهذا بناء على ما سبق أن الوكيل [ ص: 23 ] بالخصومة يملك القبض عندنا ، والوكيل بالقبض يملك الخصومة عند زفر - رحمه الله - فقد اتفق الشاهدان على الحكمين معنى ، وإنما اختلفا في العبارة ، وذلك لا يمنع قبول الشهادة كما لو شهد أحدهما بالتخلي والآخر بالهبة . أبي حنيفة
وعندهما الوكيل بالقبض لا يملك الخصومة ، فقد اتفق الشاهدان على ثبوت حق القبض له فأما الشاهد بحق الخصومة لأحدهما فيثبت فيما اتفقا عليه دون ما ينفرد به أحدهما ، وعند - رحمه الله - الوكيل بالخصومة لا يملك القبض ، والوكيل بالقبض لا يملك الخصومة ، والشاهد أثبت أحد الأمرين ، ولا تتم الحجة بشهادة الواحد . زفر