وقد بينا في كتاب الصلاة جواز في المصر ، زاد ههنا فقال وكذلك لو كان هو بنفسه الإمام وقد روى أداء الصلاة على الجنازة بالتيمم الحسن عن رحمهما الله تعالى أنه لا يجوز للإمام أن يصلي على الجنازة بالتيمم في المصر قال أبي حنيفة رحمه الله تعالى وهو الصحيح ; لأن التيمم إنما يجوز في حال عدم الماء ، فأما مع وجود الماء فلا يكون طهارة إلا عند الضرورة وهو خوف الفوت وهذا لم يوجد في حق الإمام الذي يكون حق الصلاة على الجنازة له ; لأن الناس ينتظرونه ولو لم يفعلوا كان له حق إعادة الصلاة عليها فلا يجزيه الأداء بالتيمم مع وجود الماء وجه ظاهر الرواية حديث عيسى رضي الله عنه إذا فاجأتك جنازة وأنت على غير وضوء فتيمم وصل عليها ولأن الإمام قد يحتاج إلى ذلك كما يحتاج إليه القوم فإنه عند كثرة الزحام ربما يلحقه الحرج إذا ذهب إلى موضع الماء ليتوضأ أو لا ينتظره الناس فيصلون عليها ويدفنون الميت قبل أن يفرغ هو من الطهارة ولو انتظره الناس ربما يلحقهم الحرج في ذلك فلدفع الحرج جوزنا له الأداء بالتيمم فإنما التيمم إنما جعل طهارة لدفع الحرج قال الله تعالى { ابن عباس ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج } الآية وفيه معنى آخر في حق القوم وهو أن الصلاة على الجنازة دعاء وليست بصلاة على الحقيقة فإنه ليس فيها أركان الصلاة من القيام والقراءة والركوع والسجود والطهارة شرط صلاة مطلقة فكان ينبغي أن تتأدى الصلاة [ ص: 127 ] على الجنازة بغير طهارة بمنزلة الدعاء ، ولكن لكونها صلاة تسمية شرطنا فيها نوع طهارة وفي هذا المعنى لا فرق بين الإمام والقوم . وعلى هذا قال لو كان جنبا في المصر تيمم وصلى عليها أيضا بمنزلة الدعاء وذلك صحيح من الجنب إلا أنه أمره بأن يتيمم لها كما { تيمم رسول الله صلى الله عليه وسلم لرد السلام } في حديث معروف بيناه في الصلاة .