ص ( وتطيب بكورس )
ش : هو معطوف على قوله أول الفصل لبس قفازا ، أو على ما يليه من المحرمات أعني قوله ، ودهن الجسد ، والمعنى أنه ، وهو ما يظهر ريحه ، وأثره كالورس والزعفران والمسك والكافور والعنبر والعود يريد ، وتجب الفدية باستعماله ، واحترز بقوله بكورس عن الطيب المذكر ، فإنه لا يحرم استعماله ، ولكنه يكره كما تقدم في قول يحرم على المحرم والمحرمة التطيب بالطيب المؤنث المصنف وشم كريحان ( تنبيه ) : قال في الجواهر : معنى استعمال الطيب إلصاق الطيب باليد ، أو بالثوب ، فإن علق الريح دون العين بجلوسه في حانوت عطار ، أو بيت تجمر ساكنوه ، فلا فدية عليه مع كراهة تماديه على ذلك انتهى .
ونقله ابن الفاكهاني في شرح العمدة وقبله ، وتقدم عن اللخمي وصاحب الطراز ما يخالف ذلك عند قول المصنف : ومصبوغ لمقتدى به .
( فرع ) : قال في الطراز ولا فرق في وجوب الفدية بين أن يطيب جميع جسده ، أو عضوا منه ، أو دون ذلك ، وهو قول الشافعي وقال وابن حنبل : إنما تجب الفدية إذا طيب عضوا كاملا مثل الرأس والفخذ والساق والشارب وشبه ذلك فأما أن يطيب بعض العضو فلا فدية فيه ، واحتج بأنه ليس بتطيب معتاد ، وهذا غير صحيح ، والناس يختلفون في ذلك ، وكيفما مس الطيب ، فقد تطيب انتهى . أبو حنيفة
ص ( وإن ذهب ريحه )
ش : يعني أن الطيب ممنوع من استعماله ، وإن ذهبت ريحه إلا أنه لا فدية فيه قال ابن عرفة : وقول ابن شاس لو ذهبت رائحة المسك لم يصح إن أراد ، وتجب الفدية مع تحقق ذهاب كلها ، ففيه نظر انتهى .
( قلت ) : وكأنه لم يقف على نص في ذلك ، وقد صرح اللخمي في أوائل كتاب الحج لما تكلم على المصبوغ [ ص: 159 ] بالزعفران ونحوه بأنه لا فدية في ذلك ، فقال ولو جعل في ثوبه طيبا قد قدم ، وذهب ريحه لم يكن فيه فدية انتهى ، وكلامه يقتضي أن ذلك هو المذهب ، وهذا هو الظاهر ، والله أعلم ، وكلام صاحب الطراز صريح ، أو كالصريح في ذلك ، فإنه قال في كتاب الحج الأول في الثوب المصبوغ بالزعفران إذا غسل ، أو نشر وتقادم حتى انقطعت رائحته ولا يظهر بوجه : أنه يكره لبسه ، ولا يحرم ، ثم قال : لأن القصد من الطيب الرائحة فإن كانت قائمة افتدى ، وإلا فلا فدية عليه انتهى .
ورأيت في حاشية معزوة لكتاب اللباب شرح الجلاب للغساني فيها ما نصه لو انقطعت رائحة الطيب لم يجز استعماله ، ولا فدية فيه ، وهو كلام حسن .
ص ( أو لضرورة كحل )
ش : ظاهر العبارة يقتضي أن ممنوع ، وليس ذلك مراده ، وإنما أراد أن ذلك موجب الفدية ، وهذا نحو ما تقدم في قوله ككف ورجل بمطيب . استعمال الطيب لضرورة الكحل وشبهها
ولا يفهم من كلام المصنف حكم ، والمذهب إن كان لضرورة ، فهو جائز ، وإن كان لغير ضرورة ، فثلاثة أقوال مشهورها وجوب الفدية على الرجل والمرأة . اكتحال المحرم بغير المطيب
وقيل لا تجب عليهما ، وقيل تجب على المرأة دون الرجل قال المصنف في مناسكه : والكحل فيه الفدية إن كان مطيبا ، وإن كان غير مطيب ، وكان لضرورة فلا شيء عليه ، وإن كان لغير ضرورة فالمشهور وجوب الفدية وثالثها تجب على المرأة دون الرجل ، وحكى بعضهم الاتفاق على وجوب الفدية على المرأة انتهى . ونحوه في التوضيح وقال ابن عرفة : واكتحال المحرم مطلقا لدواء جائز ، وفيه بمطيب الفدية ولزينة ممنوع ، وفي الفدية بغير مطيب ثالثها على المرأة لها وللخمي على القاضي عن بعض أصحابنا والجلاب عن عبد الملك انتهى .
( فروع الأول ) : قال سند فإن اضطر إلى الكحل ، فاكتحل لقصد الدواء .
ولقصد الزينة قال ابن القاسم : عليه الفدية ، فغلب جانب الفدية ( الثاني ) : قال أيضا أما تنشيف العين ، فإن كان ببعض المياه ، أو بشيء لا يتحجر على الجسد ، فهو خفيف ، وإن كان لشيء يتحجر ، ويستر البشرة سترا كثيفا حتى يكون كالقرطاس ، ففيه الفدية ( الثالث ) : قال أيضا عن الموازية لا تكتحل المرأة بالإثمد ، وإن اضطرت إلى الكحل ; لأنه زينة إلا أن تدعو الضرورة إليه نفسه ، فتكتحل به ولا فدية انتهى .
( الرابع ) : قال التادلي في مناسكه : قال أبو إسحاق جائز بخلاف الكحل للزينة ، وإن لم يكن فيه طيب ، وعليها الفدية إن اكتحلت . : ولبس الحرير للمرأة المحرمة والحلي
فإن قيل : فلماذا أجاز لبس الحرير والحلي ، وذلك من دواعي النكاح ، وما الفرق بين ذلك وبين الكحل بغير ما فيه طيب من الاكتحال للزينة قيل ; لأن الكحل إذا كان للزينة ، فلها فيه انتفاع في عينها وجمال والحلي والحرير لا انتفاع لها فيه ، فإن قيل المنفعة توجب عليها الفدية ، وإن لم يكن في ذلك زينة كدوائها لجرح ، وشبه ذلك قيل قد يكون الكحل أمرا لا يكاد أن يستغنى عنه لمكان ما في العين بما يصلحه الكحل كالإدهان بالزيت ليتمرن على العمل .
ولو فعل ذلك فاعل ليحسن يديه لكانت عليه الفدية ، فصار ما فعل للضرورة من هذا لا فدية فيه انتهى .