ص ( بطهور منفصل كذلك )
ش : هذا متعلق بقوله يغسله والمعنى أن بشرط أن ينفصل الماء عن المحل طهورا باقيا على صفته فإن قيل : قد تقدم أول الكتاب أن الحدث وحكم الخبث يرفعان بالماء المطلق الذي هو الطهور فلم أعاده فالجواب إنما أعاده ليبين أنه يشترط انفصاله كذلك أي طهورا ولم يتقدم له التنبيه على ذلك وقد قدمنا في قوله يرفع الحدث وحكم الخبث أن سياق كلامه يقتضي الحصر ; لأنه كالحد لما يرفع به الحدث وحكم الخبث ، وكذا يقال هنا وهذا هو المشهور في المذهب أعني أن محل النجاسة لا يطهر إلا بالماء الطهور وذكر المحل النجس يطهر بغسله بالماء الطهور ابن بشير وتابعوه قولا أنها تزال بكل قلاع كالخل وإنما حكي في النوادر الخلاف في الماء المضاف قال قال يحيى بن عمر وأبو الفرج : اختلف في فقيل : يجوز ذلك ، وقيل : لا يطهره إلا الماء المطلق وهو الصواب وذكر إزالة النجاسة بالماء المضاف أن المازري اللخمي ذكر خلافا في إزالة النجاسة بالمائع قال وأراه إنما أخذه من قول ابن حبيب إذا إنه يطهر ورد بجواز أن يكون بصق دما ثم بصق حتى زال ابن حبيب إنما اغتفره ليسارته لاشتراطه عدم تفاحشه ، قال ابن عرفة قلت : بل أخذه من قول القاضي في مسح السيف قال ابن عرفة وابن العربي لو جففت الشمس موضع بول لم يطهر على المشهور ، ولا يكفي فرك المني قال في النوادر والفرك باطل ، وكذلك النار لا تطهر على المشهور فإن انفصل الماء متغيرا فالمحل نجس قال ابن عرفة : وغسالتها أي النجاسة متغيرة نجسة ابن العربي كمغسولها ، وغير متغيرة قالوا : طاهرة كمغسولها ا هـ .
ثم بحث في كون الغسالة إذا لم تتغير طاهرة وسيأتي كلامه - إن شاء الله تعالى - . وقال صاحب الجمع عن في شرح قول ابن هارون والغسالة المتغيرة نجسة وغير المتغيرة طاهرة : ولا يضر بللها ; لأنه جزء المنفصل يعني ما غسل به لنجاسة إذا انفصل متغيرا فهو والمحل نجسان وإن انفصل غير متغير فهما طاهران قال ابن الحاجب ابن رشد استدل بالتغير على بقاء النجاسة في الثوب ; لأن المنفصل جزء الباقي في الثوب فإن كانت متغيرة فهي نجسة وعلم أن الثوب لم يطهر ، وإن كانت غير متغيرة وعلم أن النجاسة قد انفصلت عن الثوب وفيه نظر إذ قد يكون التغير [ ص: 163 ] من أوساخ في الثوب متكاثفة وإنما ينبغي أن يعول في ذلك على ما يظهر من مشاهدة الحال فتأمله . قال صاحب الجمع قلت : الصواب التنجيس ; لأن تغيرها دليل على عدم بقاء المحل إذ يبعد أن تخرج النجاسة ويبقى الوسخ ; لأنهما لما تواردا على محل واحد صارا كالشيء الواحد فلا يخرج أحدهما إلا بخروج الآخر ا هـ .
( قلت : ) ما قاله صاحب الجمع غير ظاهر إذا زال عين النجاسة وطعمها ولونها وريحها ، أو زال الطعم وعسر اللون والريح وتحقق أن التغير إنما هو من الأوساخ أما إن كان التغير من صباغ الثوب كالمصبوغ بالنيل فإنه لا يضر بقاء لون الصبغ ، وقد قال الأبي - رحمه الله تعالى - في شرح في أحاديث تحريم الخمر : إن المصبوغ بالنيل المتنجس يطهر بعد غسله ولا يشترط في غسله أن ينقطع النيل ا هـ . قال مسلم ابن عرفة الشيخ روى محمد إن طهر ما صبغ ببول فلا بأس به . ابن القاسم ترك الصبغ به أحب إلي ا هـ . ومراده بما صبغ بالبول ما جعل البول في صباغه وليس البول نفسه صبغا والله - تعالى - أعلم .
وذكر صاحب الإكمال عن في أواني الخمر خلافا فروي عنه تغسل وتستعمل وروي عنه أنه إذا طبخ فيها الماء وغسلت طهرت وروي عنه أنها تكسر وتشق الظروف فقيل : عقوبة على القول بالعقوبة بالمال وقيل إنها لا تطهر بالغسل ; لأنها تغوص فيها قال مالك الأبي : واختار شيخنا يعني ابن عرفة أنها لا تطهر للغوص والتزم على قياس ذلك أنه لو صبغ به ثوب لم يطهر فعورض بما صبغ بالورجلة . فأجاب بأن الورجلة متنجسة لا نجسة العين قال الأبي والظاهر طهارة إناء الخمر إذا غسل لما تقرر أن بقاء اللون لا يضر إلا أن يقال إن الماء لا يصل إلى ما يصل إليه الخمر ، وكذا أفتى الشيخ يعني ابن عرفة بأن ألواح البتاتي لا يجوز أن يسقف بها المسجد قال . وأما الأقباب المصنوعة منها فماؤها طاهر ; لأنه لا يتغير ا هـ .