الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وللأب اعتصارها من ولده )

                                                                                                                            ش : قال أبو الحسن ، قال عياض : معنى الاعتصار الحبس والمنع وقيل الارتجاع ، قاله ابن الأعرابي وكلاهما في ارتجاع الهبة صحيح ، انتهى . وقال ابن عرفة : والاعتصار ارتجاع المعطي عطيته دون عوض لا بطوع المعطى الصيغة ما دل عليه لفظا وفي لغو الدلالة عليه التزاما نقلا ابن عات عن بعض فقهاء الشورى وابن ورد ، قال بعض فقهاء الشورى : من شرط في هبة ابنه الصغير الاعتصار ثم باعها باسم نفسه ومات فقيمتها لابنه في ماله وليس ذلك اعتصارا إلا أن يشهد عند بيعه أو قبله أن بيعه اعتصار ولا يجوز اعتصارها بعد بيعها ولا يكون اعتصارها إلا بالإشهاد وفي الاستغناء رأيت لابن ورد ما ظاهره خلاف هذا .

                                                                                                                            قال : إن باع الأب مال ابنه ونسبه لنفسه وأفصح بذلك والمبيع لم يصر للابن إلا من قبل أبيه بهبة يجوز اعتصارها فيختلف في ذلك والأظهر أنه بيع عداء يتعقبه حكم الاستحقاق ( قلت ) بالأول أفتى ابن الحاج في نوازله ، انتهى كلام ابن عرفة وقال ابن راشد في اللباب الصيغة ما يدل على ذلك نحو اعتصرت ورددت ثم ذكر بعض ما تقدم وهو أن بيعه لا يكون اعتصارا ، قال : ولا يجوز اعتصارها بعد البيع والثمن للولد ولا يكون اعتصار الأبوين إلا بالإشهاد ، انتهى .

                                                                                                                            انظر البرزلي في مسائل الهبة فقد أطال في ذلك ، والله أعلم .

                                                                                                                            ( تنبيه ) تكلم في أوائل سماع ابن القاسم من الصدقات والهبات على حكم ما إذا باع الأب ما تصدق به على ولده وقال في شرح المسألة الرابعة منه : فإذا وهب لابنه الصغير دينا على رجل ثم اقتضاه منه بعد ذلك فهو كما قال بمنزلة العرض يتصدق به عليه ثم يبيعه بعد ذلك أن الثمن يكون للابن في ماله وبعد وفاته ; لأن تنصيص العرض المتصدق به بالبيع كقبض الدين وسواء باع العرض لابنه باسمه أو جهل ذلك فلم يعلم إن كان باع لنفسه أو لابنه .

                                                                                                                            وأما إن باع ذلك لنفسه نصا على سبيل الرجوع فيها وإلا كل لها فالبيع مردود والصدقة جائزة ويتبع المشتري الأب بالثمن في حياته وبعد وفاته وجده أو لم يجده ; لأن الصدقة قد كانت حيزت للابن ولو كانت الصدقة دارا يسكنها الأب فباعها قبل أن يرحل عنها لنفسه استرجاعا لصدقته واستخلاصا لنفسه بطل البيع إن عثر عليه في حياته ومضت الصدقة للابن وإن لم يعثر على ذلك حتى مات الأب بطلت الصدقة ولم يكن للابن فيها حق ولا في الثمن وصح البيع للمشتري ، والله أعلم ، انتهى . وانظر المتيطية في كتاب الصدقة وقال في مفيد الحكام في كتاب العتق : ومن وهب عبدا لولده الصغير ثم أعتقه لم ينفذ عتقه فيه إلا أن يكون أبو الولد موسرا فيعطي الولد قيمة العبد وينفذ العتق وإلا فلا وقد قيل إن ذلك رجوع فيما وهب من العبد وليس عليه شيء وهذا في الموضع الذي يجوز له فيه الرجوع في هبته ، انتهى . وقال في الذخيرة في كتاب الهبة .

                                                                                                                            قال الأبهري : وإذا تصدق على ولده بعبد فأعتقه وعوضه غيره مثله أو أدنى جاز إن كان في ولايته لشبهة الولاء وشبهته في ماله فإن كان كبيرا امتنع ويمتنع ذلك من الوصي لعدم الشبهة بالمال ، انتهى .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية