الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( أخذ من كل نصفه وكمل بالقيمة ) ش ويؤخذ منه لغز وهو أن ذكرين يأخذ أحدهما ثلث تركة والده والآخر الثلثين وإن طرأ دين على أبيهما غرماه بالسوية هي هذه المسألة إذا فرض مخلف الأب ثلاثمائة فمائة للقيمة ، وللدين الطارئ مائتان فأقل ، والله أعلم .

                                                                                                                            قال البساطي : وإنما قدم الوفاء من المال على القيمة ; لأنه محقق للميت بخلاف القيمة والله أعلم .

                                                                                                                            ص ( ورجعا على الأول بما غرمه العبد للثاني )

                                                                                                                            ش : بما غرمه العبد للغريم كقول ابن الحاجب : بما غرمه المستلحق للغريم ، ولو عبر المؤلف بالملحق كما فعل ابن الحاجب لكان أوضح لكن الشارح عبر عن هذا المعنى كما عبر ابن عبد السلام والمصنف في التوضيح بقولهما : ثم يرجع الشاهدان على الثابت النسب بما غرماه له ; لأنهما إنما غرماه له بسبب إتلافهما له بشهادتهما فلما وجب الدين وجبت التركة له فلم يتلفا شيئا انتهى . وهو غير واف بشرح كلام المؤلف كما ترى ، وحاول البساطي شرح هذا المعنى فقال بعد أن شرح كلام المؤلف بما شرحوه به : فإن قلت عبارته ليس معناها ما حللتما به وهو ظاهر ، قلت : إنما عدل عن ذلك إلى قوله : بما غرمه العبد للغريم ; لأن الدين قد لا يستغرق التركة فلا يخرج من يد الابن الثاني جميع ما أخذ بل يبقى شيء فلا يرجعان على الأول بما يلزم الثاني للغريم انتهى . وهو ظاهر إلا أن فرض مسألة المؤلف وابن الحاجب إنما هو طرو دين مستغرق فلا يلائم حينئذ ما قاله البساطي .

                                                                                                                            ويظهر لي شيء وإن ساعده النقل كان حسنا وهو أن الابن المستلحق لما أخذ نصف المال غير القيمة قد يستهلك بعضه قبل ظهور الدين فإذا ظهر الدين فلا يوجد في يده إلا بعض المال وهو معسر فيأخذ الغريم منه ما وجده في يده ، فالظاهر هنا أن الشهود لا يرجعان على الأول إلا بما دفعه المستلحق للغريم ; لأنه قد أتلف بشهادتهما بعض المال فتأمله وحرر النقل فيه والله أعلم .

                                                                                                                            ص ( وإن كان برق لحر فلا غرم ) .

                                                                                                                            ش : قال في التوضيح في الرجوع عن الشهادة فيما إذا رجعا عن الشهادة بعبودية شخص : ويتخرج على ما اتفق عليه فقهاء قرطبة في أيام القاضي ابن بشير فيمن باع حرا وتعذر رجوعه وفسخ البيع أن عليه الدية أن يكون هنا عليه الدية انتهى . وقال ابن عرفة : قلت : هذا يناقض ما ذكره اللخمي وابن رشد قال في سماع عبد الملك من جامع البيان : من باع حرا وغاب فعليه طلبه حتى يرده فإن عجز عن رده فقيل : يغرم دية للورثة ، وكتب بها إلى القاضي بقرطبة فجمع أهل العلم وكتب لقاضيه الذي سأله أن أغرمه دية كاملة .

                                                                                                                            قلت : وحكاه اللخمي رواية لابن حبيب في ترجمة غصب ما لا يجوز بيعه ، وكان يجري الجواب عن المناقضة بأن تسبب الشاهدين في رقه أهون من تسبب البائع في رقه لاستقلال بائعه برقه وعدم استقلال الشاهدين برقه لمشاركة مدعي رقه لهما في ذلك انتهى . ونحوه لابن عبد السلام ولم ينقل في التوضيح الجواب واقتصر على ما تقدم ويأتي من هذه المسألة وفروعها ألغاز كثيرة ظاهرة من لفظها والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية