الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( والحدود بسوط وضرب معتدلين ) ش قال ابن عرفة ولا يجوز الضرب في الحدود بقضيب ولا شراك ولا درة ولكن السوط . وإنما كانت درة عمر للأدب فإذا وقعت الحدود قرب السوط . ثم قال بعد كلام لا يتعلق بالسوط ولأبي زيد عن ابن القاسم أو ضرب على ظهره بالدرة أجزأه وما هو بالبين انتهى . ونص سماع أبي زيد المذكور . وقال ابن القاسم في رجل ضرب عبده الحد في الزنى بالدرة أجزأه . قال إن كان ضربه في الظهر أجزأه وما هو بالبين . قال ابن رشد قد مضى الكلام على هذه المسألة في رسم العتق من سماع عيسى انتهى . ونص ما في سماع عيسى المشار إليه . وسألت ابن القاسم عن رجل زنى عبده فضربه خمسين ضربة بغير سوط هل يجزئه ذلك من الحد ؟ قال قال مالك لا يضرب الحد إلا بالسوط . قال ابن رشد سأله في هذه الرواية هل يجزئه ذلك من الحد ؟ فلم يجب على ذلك وحكى له ما قال مالك من أن الحدود لا تضرب إلا بالسوط وقال في سماع أبي زيد بعد هذا إنه إن ضربه في الزنى بالدرة في ظهره أجزأه . قال وما هو بالبين فيحمل قوله في سماع أبي زيد على التفسير لقوله في هذه الرواية لأنه وإن كان الواجب أن يضرب الحدود بالسياط كما قاله مالك فلا يجب أن يعاد عليه الضرب بالسياط إذا ضرب بالدرة إذ قد يكون من الدرر ما هو أوجع من كثير من السياط فلا يجمع عليه حدين إلا أن تكون الدرة التي ضرب بها لطيفة لا تؤلم ولا توجع فلا بد من إعادة الحد بالسوط انتهى . من كتاب الحدود في القذف وقوله معتدلين قال في الموطإ إنه عليه السلام أوتي بسوط مكسور فقال فوق هذا فأتي بسوط حديد فقال دون هذا فأتي بسوط قد ركب به ولان فأمر به أي بالشخص المحدود فحد . قال الباجي في شرحه قال عيسى بن دينار : التمرة الطرف يريد أن طرفه محدود لم تنكسر حدته فقال دون هذا فأتي بسوط قد ركب به ولا يريد أنه قد انكسرت حدته ولم يخلق ولم يبلغ مبلغا لا يألم من ضرب به فاقتضى ذلك أنه يحد بسوط بين سوطين والضرب في الحدود كلها سواء انتهى . وقال الجزولي وإنما يضرب بالسوط وصفته أن يكون من جلد واحد ولا يكون له رأسان وأن يكون رأسه لينا ويقبض عليه بالخنصر والبنصر والوسطى ولا يقبض عليه بالسبابة والإبهام ويعقد عليه عقدة التسعين ويقدم رجله اليمنى ويؤخر اليسرى انتهى .

                                                                                                                            ص ( بظهره وكتفيه )

                                                                                                                            ش : قال في رسم الأقضية الثالث من سماع أشهب من كتاب المحاربين والمرتدين وسئل مالك عن عذاب اللصوص بالرهن وبهذه الخنافس التي تحمل على بطونهم فقال لا يحل هذا إنما هو السوط أو السجن إن لم يجد في ظهره مضربا فالسجن قيل له أرأيت إن لم يجد في ظهره مضربا أترى أن يسطح فيضرب في أليتيه ؟ قال : لا والله لا أرى ذلك إنما عليك ما عليك إنما هو [ ص: 319 ] الضرب بالسوط والسجن . قال فقيل أرأيت إن مات أيضا بالسوط قال إنما عليك ما عليك . قال ابن رشد هذا بين على ما قاله لأنه لا يصح أن يعاقب أحد فيما تلزمه فيه العقوبة إلا بالجلد أو السجن الذي جاء به القرآن وأما تعذيب أحد بما سوى ذلك من العذاب فلا يحل ولا يجوز وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { إن الله ليعذب في الآخرة الذين يعذبون الناس في الدنيا } انتهى بلفظه والحديث رواه مسلم وفي مختصر الوقار : والأدب أن يقنع بالسوط على رأسه أو يضرب بالدرة على ظهره أو على قدميه ولا يسطح أحد على بطنه في أدب ولا غيره انتهى من باب القذف .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية