ص ( صيت )
ش : المراد بالصيت : المرتفع الصوت ; لأن المقصود من الأذان الإعلام وإذا كان صيتا كان أبلغ في الإسماع ، ويستحب فيه أن يكون حسن الصوت كما تقدم في كلام الجواهر ، وصرح به صاحب المدخل وابن ناجي في حديث { عبد الله بن زيد فناد بالصلاة فأنت أندى منه صوتا بلال } ، قال في الإكمال قيل : أرفع ، ويحتمل أن يكون معناه أحسن وفي بعض الروايات : فإنك فظيع الصوت ، ففيه أنه يختار للأذان أصحاب الأصوات الندية المرتفعة المستحسنة ويكره في ذلك ما فيه غلظة أو فظاعة أو تكلف زيادة ، ولذلك ، قال قم يا : أذن أذانا سمحا وإلا فاعتزلنا انتهى . عمر بن عبد العزيز
وفي التوضيح وروى { الدارقطني } انتهى ، وقال في النوادر والسنة أن يكون مرسلا معلنا يرفع به الصوت ، وعد الشيخ أنه عليه الصلاة والسلام كان له مؤذن يطرب في أذانه ، فقال له عليه الصلاة والسلام : الأذان سهل سمح فإن كان أذانك سهلا سمحا فأذن وإلا فلا يوسف بن عمر في الصفات المستحبة أن يكون غير لحان ، وأن يكون جهير الصوت ، وأن يكون يقوم بأمور المسجد ، وأن يؤانس الغريب ، وأن لا يغضب على من أذن في موضعه أو جلس في موضعه ، وأن يكون صادق القول ، ويحفظ حقه عن ابتلاع الحرام ، وأن يؤذن لله خالصا ، وقال ابن الفاكهاني في شرح الرسالة في صفات الأذان : الأولى أن يبالغ في رفع الصوت بما لم يشق عليه إذ المقصود منه الإعلام فكلما رفع صوته كان أبلغ في المقصود ، الثانية : أن يكون مترسلا أي : متمهلا من غير تمطيط ولا مد مفرط انتهى . وقال في مختصر الوقار ويجتهد مؤذنو مساجد الجماعات في مد أذانهم ورفع أصواتهم لانتفاع أهل البيوت ولاقتداء مؤذني العشائر بهم انتهى .
( فرع ) قال في المدونة : ويكره ، قال في الطراز والتطريب تقطيع الصوت وترعيده ، وأصله خفة تصيب المرء من شدة الفرح أو من شدة التحزين ، وهو من الاضطراب أو الطربة ، قال في العتبية : التطريب في الأذان منكر ، قال التطريب في الأذان ابن حبيب : وكذلك التحزين [ ص: 438 ] من غير تطريب ولا ينبغي إمالة حروفه والتغني فيه والسنة فيه أن يكون محدرا معلنا يرفع به الصوت انتهى . وقال ابن فرحون والتطريب : مد المقصور ، وقصر الممدود ، وسمع رجلا يطرب في أذانه ، فقال لو كان عبد الله بن عمر حيا فك لحييك انتهى . وقال عمر ابن ناجي : يكره التطريب ; لأنه ينافي الخشوع والوقار ، وينحو إلى الغناء والكراهة في التطريب على بابها إن لم تتفاحش وإلا فالتحريم ، وألحق ابن حبيب التحزين بالتطريب ، نقله أبو محمد وأما الحسن الصوت فحسن كالقراءة والذكر ، قال ابن رشد : رأيت المؤذنين بالقاهرة يستعملون التطريب وأظن الشافعي يريان ذلك ; لأن النفوس تخشع عند سماع ذلك ، وتميل إليه ، قال بعض العلماء النفوس تخشع للصوت الحسن كما تخشع للوجه الحسن . وأبا حنيفة ابن ناجي فرق بين الصوت الحسن والتطريب انتهى . وقال في المدخل : يكره التطريب في الأذان ، وكذلك التحزين ويكره إمالة حروفه وإفراط المد فيه وغير ذلك مما ذكره الفقهاء ، ثم قال : وليحذر أن يؤذن بالألحان مما يشبه الغناء حتى لا يعلم ما يقوله من ألفاظ الأذان ، وهي بدعة مستهجنة قريبة الحدوث أحدثها بعض الأمراء بمدرسة بناها ثم سرى ذلك منها إلى غيرها ، قال الإمام أبو طالب المكي : ومما أحدثوه ، وهو من البغي والاعتداء ، قال رجل من المؤذنين : التلحين في الأذان : إني لأحبك في الله ، فقال له لابن عمر : إني لأبغضك في الله ; لأنك تغني في أذانك ، وتأخذ عليه أجرا انتهى . وقال الشيخ ابن عمر زروق : والتطريب والتحزين مكروه والمغير للمعنى أو القادح فيه ممنوع انتهى . فتحصل من هذا أنه يستحب في المؤذن أن يكون حسن الصوت ، ومرتفع الصوت ، وأن يرجع صوته ، ويكره الصوت الغليظ الفظيع ، والتطريب والتحزين إن لم يتفاحش وإلا حرم .