بالحجر الأسود ) أي ركنه ، وإن قلع منه وحول منه [ ص: 77 ] لغيره منه ( محاذيا ) بالمعجمة ( له ) أو لبعضه واستبعاد تصوره إنما يتأتى على أن المراد بالبدن عرض مقدمه لا على أنه الشق الأيسر ( في مروره ) عليه ابتداء ( بجميع بدنه ) أي شقه الأيسر بأن يجعله إليه وقد بقي من الحجر أو محله ما يسامته ويمشي أمام وجهه وتجب مقارنة النية حيث وجبت أو أراد فضلها لما تجب محاذاته منه والأفضل أن يقف بجانبه من جهة ( مبتدئا اليماني بحيث يصير منكبه الأيمن عند طرفه ثم يمر متوجها له حتى يجاوزه فينفتل جاعلا يساره محاذيا جزءا من الحجر بشقه الأيسر ، وإن أوهم قول المصنف إذا جاوزه انفتل خلاف ذلك كما نبه عليه الزركشي وغيره وبسطت الكلام عليه في شرح العباب [ ص: 78 ] ولا يجوز شيء من الطواف مع استقبال البيت إلا هذا في الأول لا غير وينبغي أن لا يفعله إلا مع الخلو لئلا يضر غيره .
( تنبيه ) يظهر أن المراد بالشق الأيسر أعلاه المحاذي للصدر ، وهو المنكب فلو انحرف عنه بهذا أو حاذاه ما تحته من الشق الأيسر لم يكف ، وأفهم المتن أنه لو الحجر ابتداء ببعض شقه الأيسر وبعضه مجاور لجانب الباب لم يصح قبل عدو له عما بأصله للحالية [ ص: 79 ] يوهم أنهما ليسا بشرطين ، وأنهما قيدان في اشتراط جعل استقبل البيت عن اليسار فلا يجب في غير الابتداء . ا هـ . وإنما يتوهم ذلك إن جعل حالا من فاعل يجعل وليس كذلك بل هو حال من فاعل ستر وما بعده المبين فيه بقوله ولو أحدث إلى آخره أنه شرط في جميعه ومر في مسح الكف أن مثل هذه الحال لكونها من فعل المأمور يفيد الشرطية ( فلو بدأ بغير الحجر ) كالباب ( لم يحسب ) ما فعله لإخلاله بالترتيب حتى ينتهي للحجر ( فإذا انتهى إليه ) ، وهو مستحضر للنية حيث وجبت ( ابتداء منه ) وحسب له من حينئذ كما لو قدم متوضئ غير الوجه عليه حسب له ما تأخر عنه دون ما تقدم عليه .
( ولو مشى على الشاذروان ) ، وهو عرض جدار البيت نقصه رضي الله عنهما من عرض الأساس لما وصل أرض المطاف لمصلحة البناء ثم سنم بالرخام ؛ لأن أكثر العامة كان يطوف عليه ومن ثم صنف ابن الزبير المحب الطبري في وجوب ذلك التسليم لطواف العامة ، وهو من الجهة الغربية واليمانية وكذا من جهة الباب كسر في الحاشية ففي موازاته الآتية بيان للواقع واستثناء ما عند الركن اليماني منه ؛ لأنه على القواعد يرد بأن كونه كذلك لا يمنع النقص من عرضه عند ارتفاع البناء وهذا هو المراد بالشاذروان في الجميع فهو عام في كلها حتى عند الحجر الأسود وعند اليماني ( أو مس الجدار ) الموصوف بكونه ( في موازاته ) أي الشاذروان أي مسامتته له أو دخل شيء من بدنه وكذا ملبوسه على أحد احتمالين لي فيه في هواء الشاذروان ، وإن لم يمس الجدار ثم رأيت بعضهم جزم بأنه لا يضر دخول ملبوسه في هوائه وفيه نظر .
وقياس إلحاقهم الطواف بالصلاة في أكثر أحكامها ، ومنها أن الملبوس كالبدن يرد ذلك الجزم ( أو دخل من إحدى فتحتي الحجر ) ، وهو بكسر أوله ما بين الركنين الشاميين عليه جدار قصير بينه وبين كل من الركنين فتحة [ ص: 80 ] كان زريبة لغنم إسماعيل صلى الله عليه وسلم وروي أنه دفن فيه ويسمى حطيما لكن الأشهر أن الحطيم ما بين الحجر الأسود ومقام إبراهيم ، وهو كما يأتي في اللعان أفضل محل بالمسجد بعد الكعبة و حجرها بكسر أوله ( وخرج من لأخرى ) أو وضع أنملته على طرف جدار الحج القصير كما يفعله كثير من العامة ( لم تصح طوفته ) أي بعضها الذي قارنه ذلك المس أو الدخول ؛ لأنه حينئذ طائف في البيت لا به المذكور في الآية وأما في الأولى فلأن هواء الشاذروان من البيت كما علم من تعريفه ، وأما في الحجر فهو ، وإن لم يكن فيه من البيت إلا ستة أذرع أو سبعة لكن الغالب على الحج التعبد ، وهو صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون ومن بعدهم لم يطوفوا إلا خارجه فوجب اتباعهم فيه وجعل في موازاته حالا من فاعل مس الذي سلكه شارح يستلزم بناء على أن له مفهوم المبني على أنه ليس في جهة الباب أن مسه لجدار لا شاذروان تحته يضر إذا كان مسامتا لجدار تحته شاذروان ، ولو قبل الوصول إليه وليس كذلك كما هو ظاهر الحجر أن يقر قدميه حتى يعتدل قائما ؛ لأنه حال التقبيل في هواء وينبغي لمقبل البيت بناء على الأصح إن ثم شاذروان فمتى زالت قدمه عن محلها قبل اعتداله كان قد قطع جزءا من البيت ، وهو في هوائه فلا يحسب له وكذا يقال في مستلم اليماني ( وفي مسألة المس ) للجدار الذي عنده شاذروان ( وجه ) أنه لا يضر ؛ لأنه خرج عن البيت بمعظم بدنه [ ص: 81 ] ويرد بأن المراد على الاتباع كما تقرر .
( تنبيه ) الظاهر في وضع الحجر الموجود الآن أنه على الوضع القديم فتجب مراعاته ولا نظر لاحتمال زيادة أو نقص فيه نعم في كل من فتحتيه فجوة نحو ثلاثة أذرع بالحديد خارجة عن سمت ركن البيت بشاذروانه وداخله في سمت حائط الحجر فهل تغلب الأولى فيجوز الطواف فيها أو الثانية فلا كل محتمل ، والاحتياط الثاني ويتردد النظر في الرفرف الذي بحائط الحجر هل هو منه أو لا ثم رأيت ابن جماعة حرر عرض جدار الحجر بما لا يطابق الخارج الآن إلا بدخول ذلك الرفرف فلا يصح طواف من جعل إصبعه عليه ولا من مس جدار الحجر الذي تحت ذلك الرفرف وقد أطلق في المجموع وغيره وجوب الخروج عن جدار الحجر ، وهو يؤيد ذلك ورأيت تخالف ابن جماعة والأزرقي وغيرهما في أمور أخرى تتعلق بالحجر لا حاجة بنا الآن إلى تحريرها ؛ لأنه لا ارتباط لها بصحة الطواف بعد تمهيد وجوب الخروج عن كل الحجر وحائطه .