الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولا يمنع الرد الاستخدام ) قبل علم العيب من المشتري أو غيره للمبيع ولا من البائع أو غيره للثمن إجماعا ( ووطء الثيب ) كالاستخدام وإن حرمها على البائع لكونه أباه مثلا نعم إن كان بزنا منها بأن مكنته ظانة أنه أجنبي ، وإطلاق الزنا على هذا مجاز كما يعلم مما يأتي أول العدد ، منع لأنه عيب حدث ( وافتضاض ) الأمة بالفاء والقاف ( البكر ) المبيعة من مشتر أو غيره يعني زوال بكارتها ولو بوثبة ( بعد القبض نقص حدث ) فيمنع الرد ما لم يستند لسبب متقدم جهله المشتري كما مر ( وقبله جناية على المبيع قبل القبض ) فإن كان من المشتري منع رده بالعيب ثم إن قبضها لزمه اليمين بكماله وإن تلفت قبل قبضها لزمه من الثمن [ ص: 388 ] قدر ما نقص من قيمتها أو من غيره وأجاز هو البيع فله ردها به ثم إن كان المزيل البائع أو آفة أو زوجا زواجه سابق فهدر أو أجنبيا لزمه الأرش إن لم يطأ أو كانت زانية وإلا لزمه مهر بكر مثلها فقط وهو للمشتري ما لم يفسخ وإلا استحق البائع منه قدر الأرش وفرق بين وجوب مهر بكر هنا ومهر ثيب وأرش بكارة في الغصب والديات ومهر بكر وأرش بكارة في المبيعة بيعا فاسدا بأن ملك المالك هنا ضعيف فلا يحتمل شيئين بخلافه ثم ولهذا لم يفرقوا ثم بين الحرة والأمة وبأن البيع الفاسد وجد فيه عقد اختلف في حصول الملك به كما في النكاح الفاسد بخلافه فيما مر ويوجه بأن الجهة المضمنة هنا لما اختلفت بسبب جريان الخلاف في الملك لم يلزم عليه [ ص: 389 ] إيجاب مقابل للبكارة مرتين إذ الموجب لمهر البكر وطء الشبهة لأنه استمتع بها بكرا ولأرش البكارة إزالة الجلدة بخلاف جهة الغصب فإنها واحدة فلو أوجبت مهر بكر لتضاعف غرم البكارة مرتين من جهة واحدة وهو ممتنع فاندفع ما يقال الغاصب الذي لم يختلف في عدم ملكه أولى بالتغليظ ممن اختلف في ملكه

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : قدر ما نقص ) أي بنسبة ما نقص لا نفس قدر ما نقص إذ قد يكون قدر ما نقص قدر الثمن أو أكثر هكذا ينبغي أن يكون المراد ( قوله : وأجاز هو البيع فله ردها به ) الظاهر أن المعنى أنه إذا علم بافتضاض غيره فإن فسخ فذاك وإن أجاز ثم علم بالعيب القديم فله الرد به ويبقى الكلام فيما إذا علم بهما معا فهل له تخصيص الإجازة بعيب الافتضاض والفسخ بالآخر فيه نظر ( قوله : بأن ملك المالك هنا ضعيف ) كأن وجه ضعفه أنه معرض للزوال بالتلف قبل القبض كما هو الفرض ( قوله : ويوجه ) وقوله : بسبب جريان [ ص: 389 ] الخلاف يتأمل كل منهما ( قوله : إذ الموجب لمهر إلخ ) اتحاد جهة الغصب لا تنافي وجود هذين الموجبين فيه وقوله : وطء الشبهة ينبغي أن المراد به أن لا يكون زنا من جهتها فإن مجرد ذلك موجب للمهر ( قوله : مهر بكر ) أي مع أرش البكارة



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( ووطء الثيب ) أي ولو في الدبر ومثل وطء الثيب وطء البكر في دبرها فلا يمنع الرد شرح العباب لحج ا هـ ع ش قال النهاية والمغني ووطء الغوراء مع بقاء بكارتها كالثيب ا هـ أي فلا يمنع الرد ما لم تمكنه ظانة أنه أجنبي ع ش ( قوله : كالاستخدام ) أي قياسا عليه ( قوله : منع ) أي من الرد . قول المتن ( وافتضاض البكر ) مبتدأ خبره قوله : نقص ا هـ نهاية ( قوله : ولو بوثبة ) أي ونحوها ا هـ نهاية ومنه الحيض ع ش ( قوله : لسبب متقدم إلخ ) كالزواج ومنه أيضا ما لو أزالت جارية عمرو بكارة جارية زيد فجاء زيد وأزال [ ص: 388 ] بكارة جارية عمرو عند المشتري ا هـ ع ش ( قوله : قدر ما نقص إلخ ) أي بنسبة ما نقص لا نفس قدر ما نقص إذ قد يكون قدر ما نقص قدر الثمن أو أكثر هكذا ينبغي أن يكون المراد سم على حج ا هـ ع ش ( قوله : وأجاز هو البيع فله ردها به ) الظاهر أن المعنى أنه إذا علم بافتضاض غيره فإن فسخ فذاك وإن أجاز ثم علم العيب القديم فله الرد به ويبقى الكلام فيما إذا علم بهما معا فهل له تخصيص إجازة بعيب الافتضاض والفسخ بالآخر فيه نظر سم على حج أقول قياس قول الشارح م ر وهو محمول على ما إذا لم يطلع عليه أي العيب القديم إلا بعد إجازته ا هـ إن فسخه بأحدهما وإجازته في الآخر يسقط خياره لكن قضية ما مر من أنه لو اشتغل بالرد بعيب فعجز عن إثبات كونه عيبا فانتقل للرد بعيب آخر لم يمتنع عدم سقوط الخيار هنا لتخصيص الرد بأحد العيبين ا هـ ع ش ولعل الأقرب عدم السقوط كما هو مقتضى إطلاق الشارح .

                                                                                                                              ( قوله : فهدر ) أي على المشتري حيث أجاز ا هـ ع ش عبارة البجيرمي ومعنى كونه هدرا أنه إذا أجاز المشتري البيع أخذها وقنع بها من غير شيء ، وإن فسخ أخذ ثمنه كله ، وقوله : الأرش ، ويكون لمن استقر ملكه على المبيع ، فإن أجاز المشتري فله وإلا فللبائع ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : إن لم يطأ ) كأن أزالها بنحو عود ( وقوله : وإلا لزمه ) أي الأجنبي ا هـ ع ش ( قوله : هو للمشتري ) هذا واضح إذا لم يكن في خيار البائع وحده أو خيارهما وفسخ العقد فإن كان للبائع وحده فينبغي أن يكون له من ذلك المهر ما عدا الأرش مطلقا وكذا قدر الأرش أيضا إن فسخ لأن ذلك القدر بدل بعض المبيع وإن كان لهما وفسخ فينبغي أن يكون ذلك جميعه للبائع عناني ا هـ بجيرمي ( قوله : استحق البائع منه إلخ ) أي من المهر قدر الأرش إن كان المهر أكثر من الأرش فإن تساويا أخذه البائع ولا شيء للمشتري وإن زاد الأرش على المهر وجبت الزيادة على المشتري لأن العين من ضمانه ا هـ ع ش وقوله : وإن زاد الأرش على المهر إلخ فيه نظر ظاهر فإن المبيع قبل القبض من ضمان البائع لا المشتري ( قوله : في الغصب ) بأن غصب زيد أمة عمرو ووطئها بغير زنا منها ( وقوله : والديات ) بأن تعدى شخص على حرة وأزال بكارتها بالوطء مكرهة ا هـ بجيرمي .

                                                                                                                              ( قوله : بأن ملك المالك هنا ضعيف ) كأن وجه ضعفه أنه معرض للزوال بالتلف قبل القبض كما هو الفرض سم على حج ا هـ ع ش ( قوله : بخلافه ثم ) أي في الغصب والديات ا هـ كردي أي والبيع الفاسد ( قوله : ولهذا ) أي لقوة الملك ( لم يفرقوا ثم ) أي في الغصب والديات أي في مجموعهما وإلا فالغصب في الأمة والديات في الحرة تأمل ( قوله : بين الحرة ) المراد بالملك القوي في الحرة ملكها لمنفعة نفسها وإلا فالحرة لا تملك .

                                                                                                                              ( قوله : كما في النكاح الفاسد ) والمعتمد وجوب مهر بكر فقط في النكاح الفاسد كما هنا ع ش وعناني ومغني ( قوله : وبأن البيع الفاسد إلخ ) والحاصل أن ما هنا إذا نظر إليه مع الغصب والديات يفرق بالقوة والضعف وإذا نظر إليه مع البيع الفاسد يفرق بتعدد الجهة وعدمه ا هـ زيادي ويظهر بل آخر كلام الشارح كالصريح فيه أن الفرق بين ما هنا وبين المبيعة بالبيع الفاسد بقوة الملك وضعفه أيضا وأما قول الشارح وبأن البيع الفاسد إلخ فلبيان الفرق بين البيع الفاسد وبين الغصب والديات فقط ( قوله : بخلافه ) أي الافتضاض ( فيما مر ) أي في الغصب والديات والبيع الفاسد ( قوله : ويوجه ) أي الفرق بين نحو الغصب وبين البيع الفاسد وبهذا يندفع قول سم قوله : ويوجه وقوله : بسبب جريان الخلاف يتأمل كل منهما ا هـ فإنه مبني على ما هو ظاهر السياق من أن مرجع ضمير يوجه الفرق بين ما هنا وبين البيع الفاسد ( قوله : بأن الجهة المضمنة هنا ) أي في البيع الفاسد ( قوله : بسبب جريان الخلاف في الملك ) لأن أبا حنيفة يرى حصول الملك [ ص: 389 ] بالبيع الفاسد فإن تلف المبيع عند المشتري ضمنه بالثمن عنده ا هـ بجيرمي ( قوله : إيجاب مقابل للبكارة إلخ ) أي من جهة واحدة بل من جهتين ا هـ كردي ( قوله : وطء الشبهة ) ينبغي أن المراد به أن لا يكون زنا من جهتها فإن مجرد ذلك موجب للمهر ( وقوله : مهر بكر ) أي مع أرش البكارة ا هـ سم .




                                                                                                                              الخدمات العلمية