( وإذا أراد ) الحاج ، أو المعتمر وغيره المكي وغيره ( الخروج من مكة ) ، أو منى عقب نفره منها ، وإن كان طاف للوداع عقب طواف الإفاضة عند عوده إليها كما صححه في المجموع ونقله عن مقتضى كلام الأصحاب ومن أفتى بخلافه فقد وهم إذ لا يعتد به ولا يسمى طواف وداع إلا بعد فراغ جميع النسك [ ص: 140 ] إلى مسافة قصر مطلقا ، أو دونها ، وهو وطنه ، أو ليتوطنه وإلا فلا دم عليه كما بينته ثم ولا فرق في القسمين بين من نوى العود وغيره خلافا لما يوهمه بعض العبارات ( طاف وجوبا كما يأتي للوداع ) طوافا كاملا لثبوته عنه صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا وليكن آخر عهده ببيت ربه كما أنه أول مقصود له عند قدومه عليه وبما تقرر من عمومه لذي النسك وغيره علم أنه ليس من المناسك ، وهو ما صححاه ، وإن أطال جمع في رده على أن من قال إنه منها كما في المجموع في موضع أراد من توابعها كالتسليمة الثانية من توابع الصلاة وليست منها ومن ثم لزم الأجير فعله واتجه أنه حيث وقع إثر نسكه لم تجب له نية نظرا للتبعية وإلا وجبت لانتفائها ولا يلزم من طلبه في النسك عدم طلبه في غيره ألا ترى أن السواك سنة في نحو الوضوء ، وهو سنة مطلقا .
وأفهم المتن أنه لو خرج من عمران مكة لحاجة فطرأ له السفر لم يلزمه دخولها لأجل طواف الوداع ؛ لأنه لم يخاطب به حال خروجه ، وهو محتمل ( ولا يمكث بعده ) [ ص: 141 ] كركعتيه والدعاء المندوب عقبهما ثم عند الملتزم ، وإن أطال فيه بغير الوارد ، وإتيان زمزم ليشرب من مائها ، فإن مكث لذلك وحده ، أو مع فعل جماعة أقيمت عقبه وفعل شيء يتعلق بالسفر كشراء زاد وشد رحل ، وإن طال لم يلزمه إعادته وإلا كعيادة ، وإن قلت وقضاء دين وصلاة جنازة على ما اقتضاه إطلاقهم لكن الأوجه بل المنصوص اغتفار ما بقدر صلاة الجنازة أي : أقل ممكن منها فيما يظهر من سائر الأغراض إذا لم يعرج لها لزمته ولو ناسيا ، أو جاهلا بخلاف من مكث بالإكراه ، أو نحو إغماء على الأوجه ( وهو واجب ) على كل من ذكرنا لما مر ( يجبر تركه ) ، أو ترك خطوة منه ( بدم ) كسائر الواجبات فيما هو تابع للنسك ولشبهه بها صورة في غيره فاندفع ما قيل يلزم من كونه من غير المناسك أن لا دم فيه على مفارق مكة في غير النسك نعم المتحيرة لا دم عليها للشك في وجوبه عليها باحتمال كل زمن يمر عليها للحيض .
( وفي قول سنة لا تجبر ) أي : لا يجب جبرها كطواف القدوم وفرق الأول بأن هذا تحية غير مقصود في نفسه ومن ثم دخل تحت غيره بخلاف ذاك إذ لو لم يجزئه عنه ( فإن أوجبناه فخرج بلا وداع ) عمدا ، أو غيره ( وعاد قبل ) بلوغ نحو وطنه ، أو ( مسافة القصر ) [ ص: 142 ] من أخر طواف الإفاضة ففعله عند خروجه مكة ؛ لأن الوداع للبيت فناسب اعتبار مكة ؛ لأنها أقرب نسبة إليه من الحرم وقيل من الحرم نظير ما يأتي ويرده ما تقرر من الفرق ( سقط الدم ) أي : بان أنه لم يجب ؛ لأنه لم يبعد عن مكة بعدا يقطع نسبته عنها وعوده هنا دون ما يأتي واجب إن أمكنه ( أو ) عاد وقد بلغ مسافة القصر سواء أعاد منها ، أو ( بعدها ) ، وإن فعله ( فلا ) يسقط الدم ( على الصحيح ) لاستقراره بما ذكر