الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( و ) من ثم لا ( تعتبر المماثلة ) في نحو حب ولحم وتمر إلا ( وقت الجفاف ) ليصير كاملا ويشترط مع ذلك عدم نزع نوى التمر لأنه يعرضه للفساد غالبا فلا عبرة بخلافه في بعض النواحي إلا على ما يأتي عن جمع في نحو القثاء ولا يؤثر ذلك في نحو خوخ ومشمش وفي اللحم انتفاء عظم وملح يؤثر في وزن وتناهي جفافه لأنه موزون وقليل الرطوبة يؤثر فيه بخلاف نحو التمر ومن ثم بيع جديده الذي ليس فيه رطوبة تؤثر في الكيل بعتيقه لا بر ببر ابتلا أو أحدهما ولو بعد الجفاف ( وقد يعتبر الكمال ) المقتضي لصحة بيع الشيء بمثله ( أو لا ) هذا مما اختلف الشراح في فهمه هل المراد منه أنه يستثنى مما مر المقتضي للنظر إلى آخر الأحوال مطلقا العرايا الآتية لأن الكمال فيها بتقدير جفاف الرطب اعتبر أول أحواله عند البيع أو نحو عصير الرطب أو العنب لاعتبار كماله عند أول خروجه منهما وإن كانا غير كاملين أو اللبن الحليب لأنه كامل عند خروجه من الضرع آراء قال بكل منها جمع بل غلط بعضهم بعضا فيها والحق صحة كل منها ولكن أقر بها الأولان كمال الأخيرين وتعدده بتعدد أحوالهما معلوم من المتن في هذا الباب فلا يحتاج لذكره بخلاف العرايا وأيضا فهي رخصة أبيحت مع عدم الكمال فيها عند البيع بخلافهما فكانت أحق بالاستثناء بل ربما إذا نظرنا لهذا لم يصح استثناء غيرها فتأمله .

                                                                                                                              وإذا تقرر اشتراط المماثلة وقت الجفاف [ ص: 281 ] ( فلا يباع ) خلافا للمزني كالأئمة الثلاثة ( رطب برطب ) بفتح الراءين وضمهما وعليه يدل السياق ( ولا بتمر ولا عنب بعنب ولا بزبيب ) ولا بسر ببسر ولا برطب ولا بتمر ولا طلع إناث بأحدها ولا بمثله للجهل الآن بالمماثلة وقت الجفاف وقد صح { أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن بيع الرطب بالتمر فقال أينقص الرطب إذا يبس قالوا نعم فنهى عن ذلك أشار بقوله أينقص } إلخ إلى اعتبار المماثلة عند الجفاف وإلا فالنقص أوضح من أن يسأل عنه ( ممالا جفاف له كالقثاء ) بكسر أوله وبالمثلثة والمد ( والعنب الذي لا يتزبب ) والحصرم والبلح وإن نوزع فيهما ( لا يباع ) بعضه ببعض ( أصلا ) لتعذر العلم بالمماثلة فيه نعم الزيتون يباع بعضه ببعض حال اسوداده ونضجه لأنه كامل على أنه قيل لا يستثنى لأن رطوبته زيته وليس فيه مائية أصلا وظاهر المتن أنه لا عبرة بما يجف من نحو القثاء ويوجه بالنظر فيه للغالب لكن اعتبره جمع متقدمون ورجحه السبكي ( وفي قول ) مخرج ( تكفي مماثلته رطبا ) كاللبن ويجاب بوضوح الفرق فعليه يباع بعضه ببعض وزنا وإن أمكن كيله .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : نزع نوى التمر ) وكذا الزبيب كما في العباب ( قوله : ليس فيه رطوبة إلخ ) خرج ما فيه رطوبة تؤثر في الكل وعبارة الشيخين إلا أن يبقى في الجديد نداوة يظهر أثر زوالها بالكيل كما نقلها في التصحيح ( قوله : لأن كمال الأخيرين إلخ ) ولأن المتبادر من العبارة أن معنى أولا قبل الجفاف وهذا إنما [ ص: 281 ] يأتي فيما له جفاف وما ذكره من اللبن والعصير ليس كذلك فليتأمل ( قوله : ولا طلع إناث ) أخرج طلع الذكور قال في شرح الروض وفي الحاوي للماوردي في بيع الطلع بالتمر ثلاثة أوجه أصحها جوازه في طلع الذكور دون الإناث ا هـ وينبغي أن يعلم امتناع طلع الذكور بمثله فتأمل .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( وقوله في نحو حب ) وينبغي أن من النحو البصل إذا وصل إلى الحالة التي يخزن فيها عادة ( وقوله : وثمر ) هو بالمثلثة كما يفهمه قوله : إلا وقت الجفاف إذ لو قرئ بالمثناة لم يكن لقوله إلا وقت الجفاف معنى بالنسبة للتمر ا هـ ع ش ( قوله : ليصير كاملا ) وتنقيتها شرط للمماثلة لا للكمال نهاية ومغني قال ع ش قوله : م ر وتنقيتها إلخ جواب عما يقال لا بد بعد الجفاف من التنقية أيضا لصحة بيع أحد الجافين بمثله ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ويشترط مع ذلك ) أي الجفاف لحصول المماثلة واستمرار الكمال ا هـ ع ش ( قوله : عدم نزع نوى الثمر ) وكذا الزبيب كما في العباب ا هـ سم قال ع ش هل منه أي من الثمر المنزوع النوى العجوة المنزوعة النوى فلا يجوز بيع بعضها ببعض أم لا لأنها على هذه الهيئة تدخر عادة ولا يسرع إليها الفساد فيه نظر والأقرب الأول ومثلها بالأولى التي بنواها لأن النوى فيها غير كامن ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : فلا عبرة إلخ ) أي فلا يباع بعضه ببعضه ( وقوله : إلا على ما يأتي في نحو إلخ ) أي فيجوز بيع بعضه ببعض وهو الراجح الآتي ا هـ ع ش ( قوله : وفي اللحم إلخ ) أي ويشترط في اللحم إلخ فهو عطف على قوله عدم نزع نوى التمر بحسب المعنى لأنه في قوة في التمر عدم نزع نواه ( قوله : انتفاء عظم ) أي مطلقا كثر أو قل لأن قليله يؤثر في الوزن ككثيره ومن العظم ما يؤكل منه مع اللحم كأطرافه الرقاق ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : يؤثر ) قيد في الملح لأنه يقصد للإصلاح فاغتفر قليله دون كثيره ا هـ ع ش ( قوله : وتناهي إلخ ) عطف على انتفاء عظم ( قوله : وقليل الرطوبة يؤثر فيه ) يؤخذ منه أنها لو كانت قليلة جدا كانت كالملح فلا تضر ا هـ ع ش ( قوله : بخلاف نحو التمر ) أي مما معياره الكيل فلا يعتبر فيه تناهي جفافه ا هـ ع ش ( قوله : بيع جديده ) أي نحو التمر ( قوله : فليس فيه رطوبة إلخ ) خرج ما فيه رطوبة تؤثر في الكيل وعبارة الشيخين إلا أن تبقى في الجديد نداوة ويظهر أثر زوالها بالكيل كما نقلها في التصحيح ا هـ سم ( قوله : هذا مما اختلف الشراح ) إلى المتن في النهاية إلا قوله بل غلط بعضهم بعضا فيها ( قوله : مطلقا ) أي في كل الربويات ( قوله : العرايا ) نائب فاعل يستثنى ( قوله : الآتية ) أي في بيع الأصول والثمار ( وقوله : أو نحو عصير إلخ ) من النحو خلهما وعصير الرمان والتفاح وسائر الثمار ( قوله : فيها ) الظاهر التأنيث ( قوله : الأول ) أي استثناء العرايا ( قوله : لأن كمال الأخيرين إلخ ) ولأن المتبادر من العبارة أن معنى أولا قبل الجفاف وهذا إنما يأتي فيما له جفاف وما ذكر من اللبن والعصير ليس كذلك ا هـ سم ( قوله : بخلاف العرايا ) أي فإنها لم تعلم منه هنا بل في باب بيع الأصول والثمار ( قوله : لهذا ) أي لكونها رخصة خارجة عن القواعد عبارة الكردي أي لعدم الكمال ا هـ .

                                                                                                                              قول المتن [ ص: 281 ] فلا يباع رطب برطب إلخ ) وألحق بالرطب في ذلك طري اللحم فلا يباع بطريه ولا بقديد من جنسه ويباع قديده بقديده بلا عظم ولا ملح يظهر في الوزن نهاية ومغني ( قوله : بفتح الراءين ) هذا يأباه مقابلته بخصوص التمر إلا أن يراد به الخصوص وتكون مقابلته بالتمر قرينة هذه الإرادة ا هـ رشيدي ( قوله : بفتح الراءين ) إلى قول المتن وفي حبوب الدهن في النهاية وكذا في المغني إلا قوله المتناهي إلى المتن ( قوله : وضمهما ) ومثل ذلك الرمان فلا يباع بعضه ببعض ا هـ ع ش ( قوله : السياق ) أي قوله : ولا بتمر إلخ ( قوله : ولا بسر إلخ ) وكالبسر فيما ذكر فيه الخلال والبلح ا هـ ع ش ( قوله : ولا طلع إناث ) أخرج طلع الذكور قال في شرح الروض وفي الحاوي للماوردي في بيع الطلع بالتمر ثلاثة أوجه أصحها جوازه في طلع الذكور دون الإناث ا هـ وينبغي أن يعلم امتناع طلع الذكور بمثله فتأمل ا هـ سم ( قوله : بأحدها ) أي الثلاثة وهي البسر والرطب والتمر ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : فالنقص أوضح إلخ ) أي فلكون النقص معلوما لكل أحد مستغن من أن يسأل عنه ( قوله : بكسر أوله ) أي وبضمه ا هـ ع ش قول المتن ( والعنب الذي لا يتزبب ) أي والرطب الذي لا يتتمر ا هـ مغني ( قوله : وإن نوزع فيهما ) أي بأن الأول يجف في الروم والثاني في مصر ( قوله : نعم الزيتون يباع إلخ ) اعتمده النهاية والمغني أيضا ( قوله : لا يستثنى إلخ ) جزم به النهاية بإسقاط صيغة التبري والتمريض ثم قال ولو كان فيه مائية لجف ا هـ قال ع ش قوله : لجف قال الزيادي وفيه نظر ا هـ أقول وجهه أنه إذا وضع عليه ملح خرج منه ماء صرف يشاهد ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لأن رطوبته زيته إلخ ) قد يمنع هذا الحصر ونفي المائية عنه وبتسليمه قد يقال الجفاف عبارة عن انتفاء الرطوبة أو قلتها أعم من أن تكون مائية أو دهنية ولعل هذا وجه حكايته رحمه الله له بقيل والله أعلم ا هـ سيد عمر ( قوله : من نحو القثاء ) أي كالباذنجان وحبوب الرمان ( قوله : ويوجه ) أي يمكن توجيهه فلا ينافي أن ما بعده هو المعتمد ا هـ ع ش ( قوله : لكن اعتبره ) أي ما يجف من نحو القثاء ولم يخرج بالجفاف عن كونه مطعوما بخلاف القرع فإنه بعد جفافه لا يصلح للأكل وإنما يستعان به على السباحة ونحوها ا هـ ع ش ( قوله : ورجحه السبكي ) معتمد عميرة ا هـ ع ش قول المتن ( مماثلة ) أي ما لا جفاف له ( قوله : بوضوح الفرق ) وهو أن ما فيه من الرطوبة تمنع العلم بالمماثلة بخلاف اللبن ا هـ ع ش ( قوله : فعليه يباع إلخ ) تفريع على القول المخرج فكان الأولى تقديمه على الجواب عنه .




                                                                                                                              الخدمات العلمية