( فإن ويصدق فيه البائع بالتفصيل الآتي في الوديعة على الأوجه ؛ لأنه كالوديع لا في عدم ضمان البدل ، أو وقعت الدرة في بحر لا يمكن إخراجها منه ، أو انفلت ما لا يرجى عوده من طير ، أو صيد متوحش ، أو اختلط نحو ثوب ، أو شاة بمثله للبائع ، ولم يمكن التمييز بخلاف نحو تمر بمثله ؛ لأن المثلية تقتضي الشركة فلا تعذر بخلاف المتقوم أو انقلب عصير خمرا ما لم يعد خلا لكن يتخير المشتري ، أو غرقت الأرض بماء لم يتوقع انحساره ، أو وقع عليها صخرة ، أو ركبها رمل لا يمكن رفعهما كما جزما به في الشفعة واقتضاه كلامهما في الإجارة لكن رجحا هنا أنه تعيب ، واعتمده بعضهم وفرق ببقاء عين الأرض ، والحيلولة لا تقتضي فسخا كالإباق ، والشفعة تقتضي تملكا ، وهو متعذر حالا لعدم الرؤية والانتفاع ، والإجارة تقتضي الانتفاع في الحال ، وهو متعذر بحيلولة الماء ، وترقب زواله لا نظر له لتلف المنافع ، ولك رده بأنهم لو نظروا هنا لمجرد بقاء العين لم يقولوا بالانفساخ في وقوع الدرة ، وما بعده إلا أن يفرق بأن العين في هذه [ ص: 395 ] لم يعلم بقاؤها بخلاف الأرض ( انفسخ البيع ) أي : قدر انفساخه المستلزم لتقدير انتقاله لملك البائع قبيل التلف فتكون زوائده للمشتري حيث لا خيار ، أو تخير وحده ، ويلزم البائع تجهيزه ( وسقط الثمن ) الذي لم يقبض ، ووجب رده إن قبض لفوات التسليم المستحق بالعقد فبطل كما لو تفرقا في عقد الصرف قبل القبض . تلف ) بآفة سماوية
قيل : يستثنى من طرده وضعه بين يديه عند امتناعه ، ويرده أن ذلك قبض له كما مر وإحبال أبي المشتري الأمة وتعجيز مكاتب بعد بيعه شيئا لسيده [ ص: 396 ] وموت مورثه البائع له ، ويرده أن قبض المشتري وجد في الثلاثة حكما هو كاف على أنه يأتي في الأخيرتين ما يبطل ورودهما من أصلهما ، ومن عكسه قبض المشترى له من البائع وديعة بأن كان له حق الحبس فتلفه بيده كتلفه بيد البائع كما صرحوا به ، ويرده أنه لا أثر لهذا القبض ، ومن ثم كان الأصح بقاء حبس البائع بعده ، ووقع للزركشي في هذه آخر الوديعة ما يخالف ما ذكر فيها وكأنه سهو ، وإن أقره شيخنا عليه ثم وما لو كهو بيد البائع فينفسخ العقد به ، وله ثمنه وللبائع عليه مثل المثلي وقيمة غيره يوم التلف ، ويرد بأن الملك حينئذ للبائع فلم يوجد فيه المعنى الذي في البيع بعد الخيار وقبل القبض ، ويؤيده تعليلهم الانفساخ هنا بقولهم ؛ لأنه ينفسخ بذلك عند بقاء يده فعند بقاء ملكه أولى فالمراد ببقاء يده بقاؤها أصالة لتصريحهم في هذه بأن إيداع المشتري إياه له بعد قبضه كبقائه بيد المشتري ، وخرج بوحده ما لو تخيرا والمشتري فلا فسخ بل يبقى الخيار ثم إن تم العقد غرم الثمن ، وإلا فالبدل فرع قبضه المشتري في زمن خيار البائع وحده فتلفه حينئذ صدق البائع كما رجحه باع عصيرا وسلمه فوجده خمرا فقال البائع : تخمر عندك ، وقال المشتري : بل عندك الشيخان .
قال بعضهم : والصورة أن العصير مشاهد وأنه أقبضه بإناء موكوء عليه بعد مضي زمن يمكن فيه تخمره وقياسه أنه لو صدق البائع لا يقال : يلزم من تصديقه بطلان البيع أيضا لتنجسه بها قبل القبض أو معه ؛ لأنا نقول : المائع إذا حصل في فضاء الظرف ثبت له حكم القبض جزءا جزءا قبل ملاقاته لها ذكره اشترى نحو زيت ثم أفرغه البائع [ ص: 397 ] في إنائه بأمره فوجد فيه فأرة ميتة فقال : هي فيه قبل إفراغه ، وقال البائع : بل هي في ظرفك الإمام ، قوله : أو معه ضعيف بل الأصح أن جعل البائع المبيع في ظرف المشتري بعد أمره له غير قبض له ؛ لأنه لم يستول عليه ، ومن ثم لم يضمنه أيضا في أعرني ظرفك ، واجعل المبيع فيه ، ولا يضمن البائع الظرف ؛ لأنه استعمله في ملك المشتري بإذنه ، ومن ثم ضمنه المسلم إليه في نظير ذلك ؛ لأنه استعمله في ملك نفسه ( ولو لم يبرأ في الأظهر ) ؛ لأنه إبراء عما لم يجب ، وهو باطل ، وإن وجد سببه ( ولم يتغير الحكم ) السابق ، وفائدة هذا خلافا لمن زعم أنه لا فائدة له مع ما قبله نفي توهم عدم الانفساخ إذا تلف ، وأن الإبراء كما لا يرفع الضمان لا يرفع الفسخ بالتلف ، ولا المنع من التصرف أبرأه المشتري عن الضمان