الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            قصة قوم يونس عليه السلام

            جاء ذكر قوم يونس عليه السلام في كتاب الله سبحانه في غير ما موضع، فقال سبحانه: فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين [يونس: 98].

            وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين [الأنبياء: 87، 88].

            وقال تعالى: وإن يونس لمن المرسلين إذ أبق إلى الفلك المشحون فساهم فكان من المدحضين فالتقمه الحوت وهو مليم فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون فنبذناه بالعراء وهو سقيم وأنبتنا عليه شجرة من يقطين وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون فآمنوا فمتعناهم إلى حين [الصافات: 139 - 148].

            فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم لولا أن تداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء وهو مذموم فاجتباه ربه فجعله من الصالحين [القلم: 48 - 50].

            في هذه الآيات ذكر الله تعالى ما كان من قوم يونس عليه السلام، وهم أهل نينوى من أرض الموصل، من تكذيبهم لنبيهم يونس بن متى عليه السلام، وكانوا قوما يعبدون الأصنام فبعثه الله بدعوة التوحيد، وأقام فيه ثلاثا وثلاثين عاما يدعوهم فلم يؤمن له إلا رجلان فلما آيس منهم دعا عليهم فأمره الله أن يدعوهم أربعين يوما فلما دعاهم سبعا وثلاثين يوما حذرهم أن العذاب واقع بهم بعد ثلاثة أيام، وأن آية ذلك تغير ألوانهم، فلما استشعروا ما قاله لهم نبيهم، وقد خرج عنهم ولما قرب موعد نزول العذاب لجؤوا إلى الله سبحانه وتابوا إليه فكشف الله عنهم العذاب في الدنيا ويرجى لهم أن يكشف الله عنهم عذاب الآخرة.

            وقد أخبر الله عن عدد قوم يونس وأنهم مائة ألف أو يزيدون، وقد اختلف المفسرون والمؤرخون حول هذه الزيادة فبعضهم يقول إنها عشرة آلاف والبعض يقول عشرين، وأوصلها بعضهم إلى سبعين ألفا.

            ولما فارق يونس عليه السلام قومه وذهب مغاضبا لقومه ركب سفينة في البحر فلجت بهم واضطربت وثقلت بمن فيها فاستهموا من يلقى منها، فساهم فوقعت القرعة عليه ثلاث مرات فألقي في اليم فالتقمه الحوت، ومكث في بطنه مدة، اختلف العلماء حولها، فألهمه الله سبحانه التسبيح والتوبة، فقال: أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ، فأنجاه الله عز وجل من بطن الحوت ونبذ بالعراء وهو سقيم وأنبت الله سبحانه عليه شجرة من يقطين وهو القرع.

            وقد جاء في فضل يونس عليه السلام قوله صلى الله عليه وسلم: ما ينبغي لعبد أن يقول : إني خير من يونس بن متى

            التالي السابق


            الخدمات العلمية