الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            وممن آمن بموسى ماشطة ابنة فرعون

            فعن ابن عباس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أسري به مرت به رائحة طيبة ، فقال: يا جبريل ، ما هذه الرائحة؟ قال: ماشطة ابنة فرعون ، كانت تمشطها فوقع المشط من يدها ، فقالت: بسم الله ، فقالت بنت فرعون: أبي؟ قالت: بل ربي ورب أبيك ، قالت: أخبر بذلك أبي ، قالت: نعم ، فأخبرته فدعا بها ، فقال: من ربك؟ قالت: ربي وربك الله الذي في السماء ، فأمر فرعون ببقرة من نحاس فأحمت ودعا بها وبولدها ، فقالت: إن لي إليك حاجة ، قال: وما هي؟ قالت: تجمع بعظامي وعظام ولدي فتدقها جميعا ، قال: ذلك لك علينا من الحق ، قال: فألقى ولدها واحدا واحدا حتى إذا كان آخر ولدها كان صبيا مرضعا قال: اصبري يا أماه فإنك على الحق ، قال: ثم ألقيت مع ولدها . وممن آمنت بموسى آسية

            قال أبو هريرة: ضرب فرعون لامرأته أوتارا في يديها ورجليها ، وكانوا إذا تفرقوا عنها أظلتها الملائكة ، فقالت: رب ابن لي عندك بيتا في الجنة [66: 11] فكشف الله لها عن بيتها في الجنة حتى رأته قبل موتها .

            وعن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضل نساء أهل الجنة: خديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد ، ومريم بنت عمران ، وآسية ابنة مزاحم امرأة فرعون" . وقيل كانت آسية امرأة فرعون من بني إسرائيل ، وقيل : كانت من غيرهم ، وكانت مؤمنة تكتم إيمانها ، فلما قتلت الماشطة رأت آسية الملائكة تعرج بروحها ، كشف الله عن بصيرتها ، وكانت تنظر إليها وهي تعذب ، فلما رأت الملائكة قوي إيمانها وازدادت يقينا وتصديقا لموسى ، فبينما هي كذلك إذ دخل عليها فرعون فأخبرها خبر الماشطة . قالت له آسية : الويل لك ! ما أجرأك على الله ، فقال لها : لعلك اعتراك الجنون الذي اعترى الماشطة ؟ فقالت : ما بي جنون ، ولكني آمنت بالله تعالى ربي وربك ورب العالمين .

            فدعا فرعون أمها ، وقال لها : إن ابنتك قد أصابها ما أصاب الماشطة فأقسم لتذوقن الموت أو لتكفرن بإله موسى . فخلت بها أمها ، وأرادتها على موافقة فرعون ، فأبت وقالت : أما أن أكفر بالله فلا والله ! فأمر فرعون حتى مدت بين يديه أربعة أوتاد وعذبت حتى ماتت ، فلما عاينت الموت قالت : رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين . فكشف الله عن بصيرتها فرأت الملائكة وما أعد لها من الكرامة ، فضحكت فقال فرعون : انظروا إلى الجنون الذي بها ! تضحك وهي في العذاب ! ثم ماتت .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية