الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر سليمان نبي الله ، عليه السلام ، إذا صلى رأى شجرة نابتة بين يديه فيقول لها : ما اسمك ؟ فتقول : كذا . فيقول : لأي شيء أنت ؟ فإن كانت لغرس غرست ، وإن كانت لدواء كتبت ، فبينما هو يصلي ذات يوم إذ رأى شجرة بين يديه ، فقال لها : ما اسمك ؟ قالت : الخروب . قال : لأي شيء أنت ؟ قالت : لخراب هذا البيت . فقال سليمان : اللهم عم على الجن موتي ; حتى تعلم الإنس أن الجن لا يعلمون الغيب . فنحتها عصا ، فتوكأ عليها حولا والجن تعمل ، فأكلتها الأرضة فتبينت الإنس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا حولا في العذاب المهين قال : وكان ابن عباس يقرؤها كذلك . قال : فشكرت الجن للأرضة ، فكانت تأتيها بالماء . وذلك قول الله ، عز وجل : ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين يقول : تبين أمرهم للناس أنهم كانوا يكذبونهم . ثم إن الشياطين قالوا للأرضة : لو كنت تأكلين الطعام لأتيناك بأطيب الطعام ، ولو كنت تشربين الشراب سقيناك أطيب الشراب ، ولكنا سننقل إليك الماء والطين . قال : فهم ينقلون إليها ذلك حيث كانت ، قال : ألم تر إلى الطين الذي يكون في جوف الخشب ، فهو ما تأتيها به الشياطين شكرا لها .

            وعن خيثمة ، قال : قال سليمان بن داود عليهما السلام ، لملك الموت : إذا أردت أن تقبض روحي فأعلمني . قال : ما أنا بأعلم بذاك منك ; إنما هي كتب تلقى إلي ، فيها تسمية من يموت .

            وقال أصبغ بن الفرج ، وعبد الله بن وهب ، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال : قال سليمان لملك الموت : إذا أمرت بي فأعلمني . فأتاه فقال : يا سليمان قد أمرت بك قد بقيت لك سويعة . فدعا الشياطين فبنوا عليه صرحا من قوارير ليس له باب ، فقام يصلي فاتكأ على عصاه . قال : فدخل عليه ملك الموت ، فقبض روحه وهو متوكئ على عصاه . ولم يصنع ذلك فرارا من ملك الموت . قال : والجن تعمل بين يديه وينظرون إليه ، يحسبون أنه حي . قال : فبعث الله دابة الأرض ، يعني إلى منسأته ، فأكلتها حتى إذا أكلت جوف العصا ضعفت وثقل عليها ، فخر فلما رأت الجن ذلك ، انفضوا وذهبوا . قال : فذلك قوله : ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين

            مدة ملكه وحياته

            عن الزهري ، وغيره : أن سليمان ، عليه السلام ، عاش ثنتين وخمسين سنة ، وكان ملكه أربعين سنة . وعن ابن عباس ، أن ملكه كان عشرين سنة . فالله أعلم . وقال ابن جرير : فكان جميع عمر سليمان بن داود عليهما السلام ، نيفا وخمسين سنة . وفي سنة أربع من ملكه ابتدأ ببناء بيت المقدس فيما ذكر . ثم ملك بعده ابنه رحبعم مدة سبع عشرة سنة فيما ذكره ابن جرير قال : ثم تفرقت بعده مملكة بني إسرائيل .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية