الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر كلمات مما أوحي إلى عيسى عليه السلام

            عن بعض من أسلم من أهل الكتاب قال: أوحى الله تعالى إلى عيسى : يا عيسى ابن مريم ، اذكرني في الدنيا أذكرك في المعاد ، أكحل عينك بملول الحزن ، تيقظ لي في ساعات الليل . أسمعني لذاذة الإنجيل ، إذا دخلت مسجدا من مساجدي فليضطرب قلبك خوفا مني ، ولتخشع جوارحك لي . وقل لقومك إذا دخلوا مسجدا من مساجدي: لا تدخلوا إلا بقلوب خائفة ، وأبصار خاشعة خافضة ، وأيد طاهرة من الدنس . وأخبرهم أني لا أستجيب دعاء الظالم حتى يرد المظلمة إلى صاحبها . يا عيسى ، لا تجالس الخطائين حتى يتوبوا . [ يا عيسى ، إني ذاكر كل من ذكرني ، وألعن الظالمين إذا ذكروني ] . وعن عبد الله بن عوسجة ، قال : أوحى الله إلى عيسى ابن مريم : أنزلني من نفسك كهمك ، واجعلني ذخرا لك في معادك ، وتقرب إلي بالنوافل أحبك ، ولا تول غيري فأخذلك ، اصبر على البلاء ، وارض بالقضاء ، وكن لمسرتي فيك ، فإن مسرتي أن أطاع فلا أعصى ، وكن مني قريبا ، وأحي ذكري بلسانك ، ولتكن مودتي في صدرك ، تيقظ من ساعات الغفلة ، واحكم لي لطيف الفطنة ، وكن لي راغبا راهبا ، وأمت قلبك من الخشية لي ، وراع الليل لحق مسرتي ، وأظم نهارك ليوم الري عندي ، نافس في الخيرات جهدك وأعرف بالخير حيث توجهت وقم في الخلائق بنصيحتي ، واحكم في عبادي بعدلي ، فقد أنزلت عليك شفاء وساوس الصدور من مرض النسيان ، وجلاء الأبصار من غشاء الكلال ، ولا تكن حلسا كأنك مقبوض وأنت حي تنفس ، يا عيسى ابن مريم ، ما آمنت بي خليقة إلا خشعت ، ولا خشعت لي إلا رجت ثوابي ، فأشهدك أنها آمنة من عقابي ، ما لم تغير أو تبدل سنتي ، يا عيسى ابن مريم البكر البتول ، ابك على نفسك أيام الحياة بكاء من ودع الأهل وقلا الدنيا ، وترك اللذات لأهلها ، وارتفعت رغبته فيما عند إلهه ، وكن في ذلك تلين الكلام ، وتفشي السلام ، وكن يقظان إذا نامت عيون الأبرار ، حذار ما هو آت من أمر المعاد ، وزلازل شدائد الأهوال ، قبل أن لا ينفع أهل ولا مال ، واكحل عينك بملمول الحزن إذا ضحك البطالون ، وكن في ذلك صابرا محتسبا ، فطوبى لك إن نالك ما وعدت الصابرين ، رج من الدنيا بالله : يوم بيوم ، وذق مذاقة ما قد هرب منك أين طعمه ، وما لم يأتك كيف لذته ، فرج من الدنيا بالبلغة ، وليكفك منها الخشن الجشيب ، قد رأيت إلى ما تصير ، اعمل على حساب فإنك مسئول ، لو رأت عينك ما أعددت لأوليائي الصالحين ، ذاب قلبك وزهقت نفسك .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية