الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            واختلفوا في سبب تسميته بذي القرنين على عشرة أقوال:

            أحدها: أنه دعا قومه إلى الله تعالى فضربوه على قرنه فهلك ، فغبر زمانا ثم بعثه الله تعالى فدعاهم إلى الله فضربوه على قرنه الآخر فهلك ، فذلك قرناه . قاله علي بن أبي طالب رضي الله عنه في رواية .

            وعن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، أنه قال : دعا ملكا جبارا إلى الله فضربه على قرنه فكسره ورضه ، ثم دعاه فدق قرنه الثاني ، فكسره ، فسمي ذا القرنين . والثاني: أنه سمي بذي القرنين؛ لأنه سار إلى مغرب الشمس وإلى مطلعها . رواه أبو صالح ، عن ابن عباس .

            وعن حبيب بن جادم ، قال: قال رجل لعلي رضي الله عنه: كيف بلغ ذو القرنين المشرق والمغرب؟ فقال علي: سخر له السحاب ، ومدت له الأسباب ، وبسط له النور . وفي رواية أخرى عن علي رضي الله عنه أنه قال: كان عبدا صالحا ناصح لله وأطاعه ، فسخر له السحاب فحمله عليه ، وبسط النور .

            والثالث: لأن صفحتي رأسه كانتا من نحاس .



            والرابع: لأنه رأى في النوم كأنه امتد من السماء إلى الأرض ، فأخذ بقرني الشمس ، فقص ذلك على قومه فسمي بذي القرنين .

            والخامس: لأنه ملك فارس والروم .

            والسادس: لأنه كان في رأسه شبه القرنين . رويت هذه الأقوال الأربعة عن وهب بن منبه .

            والسابع: لأنه كانت له غديرتان من شعر . قاله الحسن .

            قال أبو بكر بن الأنباري: والعرب تسمي الضفيرتين من الشعر غديرتين وضفيرتين وقرنين . ومن قال سمي بذلك لأنه ملك فارس والروم قال: لأنهما عاليان على جانبين من الأرض ، فقال لهما قرنان .

            والثامن: لأنه كان كريم الطرفين من أهل بيت ذوي شرف .

            والتاسع: لأنه انقرض في زمانه قرنان من الناس وهو حي .

            والعاشر: لأنه سلك الظلمة والنور . ذكر هذه الأقوال [الأربعة] أبو إسحاق الثعلبي .

            قال مجاهد: ملك الأرض أربعة ، مؤمنان وكافران ، فالمؤمنان: سليمان بن داود ، وذو القرنين ، والكافران: نمرود ، وبخت نصر .

            قال أبو الحسين أحمد بن جعفر: زعموا أن ذا القرنين أحد عظماء ملوك الأرض إلا أن الله أعطاه مع ذلك التوحيد والطاعة واصطناع الخير ، ومد له في الأسباب ، وأعانه على أعدائه ، وفتح المدائن والحصون ، وغلب الرجال ، وعمر عمرا طويلا ، بلغ فيه المشارق والمغارب ، وبنى السد فيما بين الناس وبين يأجوج ومأجوج ، وكان ذلك رحمة للمؤمنين ، وحرزا منيعا من البلاء الذي لا طاقة لهم به .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية