واختلفوا في سبب تسميته بذي القرنين على عشرة أقوال:
أحدها: أنه دعا قومه إلى الله تعالى فضربوه على قرنه فهلك ، فغبر زمانا ثم بعثه الله تعالى فدعاهم إلى الله فضربوه على قرنه الآخر فهلك ، فذلك قرناه . قاله علي بن أبي طالب رضي الله عنه في رواية .
وعن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، أنه قال : دعا ملكا جبارا إلى الله فضربه على قرنه فكسره ورضه ، ثم دعاه فدق قرنه الثاني ، فكسره ، فسمي ذا القرنين . والثاني: أنه سمي بذي القرنين؛ لأنه سار إلى مغرب الشمس وإلى مطلعها . رواه أبو صالح ، عن ابن عباس .
وعن حبيب بن جادم ، قال: قال رجل لعلي رضي الله عنه: كيف بلغ ذو القرنين المشرق والمغرب؟ فقال علي: سخر له السحاب ، ومدت له الأسباب ، وبسط له النور . وفي رواية أخرى عن علي رضي الله عنه أنه قال: كان عبدا صالحا ناصح لله وأطاعه ، فسخر له السحاب فحمله عليه ، وبسط النور .
والثالث: لأن صفحتي رأسه كانتا من نحاس .
والرابع: لأنه رأى في النوم كأنه امتد من السماء إلى الأرض ، فأخذ بقرني الشمس ، فقص ذلك على قومه فسمي بذي القرنين .
والخامس: لأنه ملك فارس والروم .
والسادس: لأنه كان في رأسه شبه القرنين . رويت هذه الأقوال الأربعة عن وهب بن منبه .
والسابع: لأنه كانت له غديرتان من شعر . قاله الحسن .
قال أبو بكر بن الأنباري: والعرب تسمي الضفيرتين من الشعر غديرتين وضفيرتين وقرنين . ومن قال سمي بذلك لأنه ملك فارس والروم قال: لأنهما عاليان على جانبين من الأرض ، فقال لهما قرنان .
والثامن: لأنه كان كريم الطرفين من أهل بيت ذوي شرف .
والتاسع: لأنه انقرض في زمانه قرنان من الناس وهو حي .
والعاشر: لأنه سلك الظلمة والنور . ذكر هذه الأقوال [الأربعة] أبو إسحاق الثعلبي .
قال مجاهد: ملك الأرض أربعة ، مؤمنان وكافران ، فالمؤمنان: سليمان بن داود ، وذو القرنين ، والكافران: نمرود ، وبخت نصر .
قال أبو الحسين أحمد بن جعفر: زعموا أن ذا القرنين أحد عظماء ملوك الأرض إلا أن الله أعطاه مع ذلك التوحيد والطاعة واصطناع الخير ، ومد له في الأسباب ، وأعانه على أعدائه ، وفتح المدائن والحصون ، وغلب الرجال ، وعمر عمرا طويلا ، بلغ فيه المشارق والمغارب ، وبنى السد فيما بين الناس وبين يأجوج ومأجوج ، وكان ذلك رحمة للمؤمنين ، وحرزا منيعا من البلاء الذي لا طاقة لهم به .