وقال أبو سفيان لقريش : قد بعثنا نعيم بن مسعود لأن يخذل أصحاب محمد عن الخروج ، وهو جاهد ، ولكن نخرج نحن فنسير ليلة أو ليلتين ثم نرجع ، فإن كان محمد لم يخرج بلغه أنا خرجنا فرجعنا ، لأنه لم يخرج ، فيكون هذا لنا عليه ، وإن كان خرج أظهرنا أن هذا عام جدب ، ولا يصلحنا إلا عام عشب . قالوا : نعم ما رأيت . فخرج في قريش وهم ألفان ومعهم خمسون فرسا ، حتى انتهوا إلى مجنة من ناحية الظهران ، وبعض الناس يقول : قد بلغ عسفان ثم قال : ارجعوا لا يصلحنا إلا عام خصب غيداق ، نرعى فيه الشجر ونشرب فيه اللبن ، وإن عامكم هذا عام جدب ، وإني راجع فارجعوا ، فسمى أهل مكة ذلك الجيش «جيش السويق» ، ويقولون : خرجوا يشربون السويق .
وانطلق معبد بن أبي معبد الخزاعي سريعا ، بعد انقضاء الموسم إلى مكة ، فأخبر بكثرة المسلمين ، وأنهم أهل ذلك الموسم ، وأنهم ألفان ، وأخبر بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للضمري ، فقال صفوان بن أمية لأبي سفيان : قد والله نهيتك يومئذ أن تعد القوم ، وقد اجترأوا علينا ، ورأوا أنا قد أخلفناهم ، وإنما خلفنا الضعف عنهم ، وأخذوا في الكيد والنفقة في قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واستجلبوا من حولهم من العرب ، وجمعوا الأموال وضربوا البعث على أهل مكة ، فلم يترك أحد منهم إلا أن يأتي بمال ، ولم يقبل من أحد منهم أقل من أوقية لغزو الخندق .
ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة .