الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            سنة سبع عشرة عمر عزل سعد بن أبي وقاص عن الكوفة

            لأن قوما من بني أسد من أهل الكوفة تكلموا على سعد وقالوا: اعفنا منه ، فبعث عمر من يسأل أهل الكوفة عنه ، فقالوا: لا نعلم عنه إلا خيرا ، وسكت قوم فلم ينطقوا بشيء . وقال رجل يقال له أسامة: إنه لا يقسم بالسوية .

            وقيل: إنما عزله في سنة عشرين ، وقيل: بل في سنة اثنتين وعشرين ، فعزله وأمر أبا موسى الأشعري ، فشكوا منه ، فصرفه إلى البصرة ، وأمر عليهم المغيرة .

            فعن عبد الملك بن عمير ، [عن جابر بن سمرة] ، قال: شكى أهل الكوفة سعدا إلى عمر فقالوا: لا يحسن أن يصلي ، فذكر عمر له ذلك ، فقال: أما صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقد كنت أصلي بهم أركد في الأولتين وأحذف في الآخرتين ، فقال: ذاك الظن بك يا أبا إسحاق ، فأرسل معه رجلا -أو رجالا- يسأل عنه أهل الكوفة ، ولم يدع مسجدا إلا سأل عنه ، ويقنون عنه معروفا حتى دخل مسجدا لبني عبس ، فقام رجل منهم يقال له أسامة بن قتادة ، فقال: "أما إذ نشدتنا ، فإن سعدا كان لا يسير بالسوية ، ولا يعدل في القضية ، فقال سعد: أما والله لأدعون بثلاث: اللهم إن كان عبدك هذا كاذبا قام رياء وسمعة فأطل عمره ، وأطل فقره ، وعرضه للفتن ، فكان بعد ذلك أسامة إذا سئل يقول: شيخ كبير مفتون ، أصابتني دعوة سعد" .

            قال عبد الملك : فأنا رأيته بعد قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر] ، وإنه ليتعرض للجواري في الطريق يغمزهن .

            وقيل عزله عنها وولى عليها عبد الله بن عبد الله بن عتبان ، وكان نائب سعد . وقيل : بل ولاها عمرو بن ياسر . وقال سعد في هذه القضية : لقد أسلمت خامس خمسة ، ولقد كنا وما لنا طعام إلا ورق الحبلة حتى تقرحت أشداقنا ، وإني لأول رجل رمى بسهم في سبيل الله ، ولقد جمع لي رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يوم أحد أبويه وما جمعهما لأحد قبلي ، ثم أصبحت بنو أسد يقولون : لا يحسن يصلي . وفي رواية : تعزرني على الإسلام ، لقد خبت إذا وضل عملي . ثم قال عمر لسعد : من استخلفت على الكوفة ؟ فقال : عبد الله بن عبد الله بن عتبان . فأقره عمر على نيابته الكوفة - وكان شيخا كبيرا من أشراف الصحابة ، حليفا لبني الحبلى من الأنصار - واستمر سعد معزولا من غير عجز ولا خيانة ، وتهدد أولئك النفر ، وكاد يوقع بهم بأسا ، ثم ترك ذلك خوفا من أن لا يشكو أحد أميرا .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية