فتح أذربيجان
على يدي عتبة
وكتب لهم كتاب أمان قال الواقدي وأبو معشر : كانت في سنة ثنتين وعشرين . وقال سيف : كانت في سنة ثماني عشرة بعد فتح همذان والري وجرجان . وأبو معشر يقول بأن أذربيجان كانت بعد هذه البلدان ، ولكن عنده أن الجميع كان في هذه السنة . وعند الواقدي أن فتح همذان والري كان في سنة ثلاث وعشرين ؛ فهمذان افتتحها المغيرة بعد مقتل عمر بستة أشهر ، قال : ويقال : كان فتح الري قبل وفاة عمر بسنتين . إلا أن الواقدي وأبا معشر متفقان على أن أذربيجان في هذه السنة ، وتبعهما ابن جرير وغيره . لما افتتح نعيم بن مقرن همذان ثم الري ، وكان قد بعث بين يديه بكير بن عبد الله من همذان إلى أذربيجان ، وأردفه بسماك بن خرشة ، فلقي إسفندياذ بن الفرخزاذ بكيرا وأصحابه ، قبل أن يقدم عليهم سماك ، فاقتتلوا فهزم الله المشركين ، وأسر بكير إسفندياذ ، فقال له إسفندياذ : الصلح أحب إليك أم الحرب ؟ فقال : بل الصلح . قال : فأمسكني عندك . فأمسكه ، ثم جعل يفتح بلدا بلدا ، وعتبة بن فرقد أيضا يفتح معه بلدا بلدا في مقابلته من الجانب الآخر . ثم جاء كتاب عمر ، بأن يتقدم بكير إلى الباب ، وجعل سماك موضعه نائبا لعتبة بن فرقد . وجمع عمر أذربيجان كلها لعتبة بن فرقد ، وسلم إليه بكير إسفندياذ ، وصار كما أمره عمر إلى الباب . قالوا : وقد كان اعترض بهرام بن فرخزاذ لعتبة بن فرقد ، فهزمه عتبة وهرب بهرام ، فلما بلغ ذلك إسفندياذ وهو في الأسر عند بكير قال : الآن تم الصلح وطفئت الحرب . فصالحه فأجاب إلى ذلك كلهم ، وعادت أذربيجان سلما ، وكتب بذلك عتبة وبكير إلى عمر ، وبعثوا بالأخماس إليه ، وكتب عتبة - حين انتهت إليه إمرة أذربيجان - لأهلها كتاب أمان وصلح . . قاله ابن إسحاق . فيقال : إنه صالحهم على ثمانمائة ألف درهم . وقال أبو عبيدة : فتحها حبيب بن مسلمة الفهري بأهل الشام عنوة ، ومعه أهل الكوفة ؛ فيهم حذيفة فافتتحها بعد قتال شديد . والله أعلم . وفي هذه الغزاة: بعث عتبة إلى عمر رضي الله عنه بخبيص أهداه إليه . وقيل فتحت أذربيجان على يدي المغيرة بن شعبة
فعن عتبة بن فرقد ، قال: قدمت على عمر رضي الله عنه بسلال من خبيص ، فشهدت غداه ، فأتى بجفنة من ثريد ، فأخذ وأخذنا ، فجعلت أرى عليه الشيء أحبسه سناما ، فإذا لكته وجدته عليا ، فأتطلب غفلته حتى أجعله بين الخوان والقصعة ففعلت ذلك مرارا ، وكففت . ثم دعي بعس من عساس العرب فيه نبيذ شديد ، فشرب ثم ناولني فلم أطقه ، ثم قال: نأكل من هذا اللحم ، ونشرب عليه من هذا النبيذ الشديد فيقطعه في بطوننا ، إنا لننحر للمسلمين الجزور فنطعم المسلمين أطائبها ، ويأكل عمر وآل عمر عنقها ، فقلت له: إنك مشغول بحوائج المسلمين وقد أهديت لك طعاما يعصمك ويقويك ، قال: فاعرضه علي ، قال: فأديت له تلك السلال وكشفت له عنها ، فقال: أقسمت عليك ، لما لم تدع أحدا من المسلمين إلا أهديت له مثل هذا ، فقلت: يا أمير المؤمنين ، والله لو جمع مال قيس بن عيلان ما وسع لذاك ، فقال: ضم هديتك إليك ، فإنه لا حاجة لي في شيء لا يشبع المسلمين .