الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب


            وفي سنة إحدى وسبعين وخمسمائة في المحرم ، برز صلاح الدين من دمشق ، وقد عظم شأنه بما ملكه من بلاد الشام ، وبكسره عسكر الموصل ، فخافه الفرنج وغيرهم ، وعزم على دخول بلدهم ونهبه والإغارة عليه ، فأرسلوا إليه يطلبون الهدنة معه ، فأجابهم إليها وصالحهم ، فأمر العساكر المصرية بالعود إلى مصر والاستراحة إلى أن يعاود طلبهم ، وشرط عليهم أنه متى أرسل يستدعيهم لا يتأخرون ولأن الشام كان مجدبا ويحتاج إلى ذلك . وأرسل جيشه صحبة القاضي الفاضل إلى الديار المصرية ; ليستغلوا المغل ثم يقبلوا ، وعزم هو على المقام بالشام واعتمد على كاتبه العماد عوضا عن أفصح العباد بتلك البلاد ، وهو القاضي الفاضل قدوة العلماء والأفاضل ورحلة الطالبين وزين المحافل زين الإسلام ومن لسانه أحد ، من حسام ولكن احتاج السلطان إلى إرساله إلى الديار المصرية ; ليكون عينا وعونا له بها ، ولسانا فصيحا يعبر عنها فاحتاج إلى أن يتعوض عنه ، ولم يكن أحد أعز عليه ولا أحب إليه منه :


            وما عن رضا كانت سليمى بديلة بليلى ولكن للضرورات أحكام

            وكانت إقامته ببلاد الشام وإرسال الجيش صحبة القاضي الفاضل غاية الحزم والتدبير والاهتمام ; ليحفظ ما استجد من الممالك خوفا عليه من سطوة من هنالك .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية