الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            الفتنة بمكة وعزل أميرها وإقامة غيرها

            في سنة إحدى وسبعين وخمسمائة، في ذي الحجة ، كان بمكة حرب شديدة بين أمير الحاج طاشتكين وبين الأمير مكثر أمير مكة ، وكان الخليفة قد أمر أمير الحاج بعزل مكثر وإقامة أخيه داود مقامه .

            وسبب ذلك أنه كان قد بنى قلعة على جبل أبي قبيس ، فلما سار الحاج عن عرفات لم يبيتوا بالمزدلفة ، وإنما اجتازوا بها ، فلم يرموا الجمار ، إنما بعضهم رمى بعضها وهو سائر ، ونزلوا الأبطح فخرج إليهم ناس من أهل مكة فحاربوها ، وقتل من الفريقين جماعة ، وصاح الناس : الغزاة إلى مكة ، فهجموا عليها ، فهرب أمير مكة مكثر ، فصعد إلى القلعة التي بناها على جبل أبي قبيس فحصروه بها ، ففارقها وسار عن مكة ، وولي أخوه داود الإمارة ، ونهب كثير من الحاج مكة وأخذوا من أموال التجار المقيمين بها شيئا كثيرا ، وأحرقوا دورا كثيرة .

            ومن أعجب ما جرى فيها أن إنسانا زراقا ضرب دارا بقارورة نفط فأحرقها ، وكانت لأيتام ، فأحرقت ما فيها ، ثم أخذ قارورة أخرى ليضرب بها مكانا آخر ، فأتاه حجر فأصاب القارورة فكسرها ، فاحترق هو بها ، فبقي ثلاثة أيام يعذب بالحريق ثم مات . وحدثني رجل من السماسرة قال كان عندي مال عظيم لي ولغيري من التجار فدخل علي أربعة أنفس فجمعوا الكل فقلت لأحدهم وعرفته يا فلان قد أكلت أنا وأنت الطعام وهذا ليس لي وهذه مائة دينار خذها حلالا ودعني فقال اسكت قد أخذنا علينا بالدين قبل أن نجيء إليكم لنقضي من أموالكم فجمع الأربعة أربع كوارير فيها جميع المال وخرجوا عني خطوات فلقيهم عبيد من مكة فضربوا أعناقهم فقمت ونقلت المال فتعبت في نقله ولم يذهب منه شيء ثم إن أمير مكة قال لا أتجاسر أن أقيم بعد الحاج فأمروا غيره ورحلوا .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية