فتعالى الله استعظام له تعالى ولشؤونه سبحانه التي يصرف عليها عباده جل وعلا من البدء والإعادة والإثابة والعقاب بموجب الحكمة البالغة أي ارتفع سبحانه بذاته وتنزه عن مماثلة المخلوقين في ذاته وصفاته وأفعاله وعن خلو أفعاله عن الحكم والمصالح الحميدة.
الملك الحق أي الحقيق بالمالكية على الإطلاق إيجادا وإعداما بدءا وإعادة إحياء وإماتة عقابا وإثابة وكل ما سواه مملوك له مقهور تحت ملكوتيته، وقيل: الحق أي الثابت الذي لا يزول ولا يزول ملكه، وهذا وإن كان أشهر إلا أن الأول أوفق بالمقام لا إله إلا هو فإن كل ما عداه عبيده تعالى: رب العرش الكريم وهو جرم عظيم وراء عالم الأجسام والأجرام وهو أعظمها وقد جاء في وصف عظمة ما يبهر العقول فيلزم من كونه تعالى ربه كونه سبحانه رب كل الأجسام والأجرام، ووصف بالكريم لشرفه وكل ما شرف في بابه وصف بالكرم كما في قوله تعالى: وزروع ومقام كريم [الدخان: 26] وقوله سبحانه: وقل لهما قولا كريما [الإسراء: 23] إلى غير ذلك.
وقد شرف بما أودع الله تعالى فيه من الأسرار، وأعظم شرف له تخصيصه باستوائه سبحانه عليه، وقيل إسناد الكرم إليه مجازي والمراد الكريم ربه أو المراد ذلك على سبيل الكناية، وقيل: هو على تشبيه العرش لنزول الرحمة والبركة منه بشخص كريم ولعل ما ذكرناه هو الأظهر. وقرأ أبان بن تغلب وابن محيصن وأبو جعفر وإسماعيل عن «الكريم» بالرفع على أنه صفة الرب، وجوز أن يكون صفة للعرش على القطع وقد يرجح بأنه أوفق بقراءة الجمهور. ابن كثير