وقوله تعالى : وما لهم به من علم حال من فاعل يسمون وضمير به للمذكور من التسمية وبهذا الاعتبار ذكر ، أو باعتبار القول أي يسمونهم إناثا ، والحال أنهم لا علم لهم بما يقولون أصلا ، وقرأأبي بها أي بالتسمية ، أو بالملائكة إن يتبعون أي ما يتبعون في ذلك إلا الظن أي التوهم الباطل وإن الظن أي جنس الظن كما يلوح به الإظهار في موقع الإضمار ، وقيل : الإظهار ليستقل الكلام استقلال المثل . لا يغني من الحق شيئا من الإغناء فإن الحق الذي هو عبارة عن حقيقة الشيء وما هو عليه إنما يدرك إدراكا معتدا به إذا كان عن يقين لا عن ظن وتوهم فلا يعتد بالظن في شأن المعارف الحقيقية أعني المطالب الاعتقادية التي يلزم فيها الجزم ولو لم يكن عن دليل ، وإنما يعتد به في العمليات وما يؤدي إليها .
وفسر بعضهم الحق بالله عز وجل لقوله سبحانه : ( ذلك بأن الله هو الحق ) [الحج : 6 ، 62 ، لقمان : 30]، واستدل بالآية من لم يعتبر [ ص: 60 ]
التقليد في الاعتقاديات - وفيه بحث - والظاهرية على إبطاله مطلقا ، وإبطال القياس ورده على أتم وجه في الأصول ، وما أخرج ابن أبي حاتم عن أيوب قال : قال : عمر بن الخطاب
احذروا هذا الرأي على الدين فإنما كان الرأي من رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم مصيبا لأن الله تعالى كان يريه وإنما هو منا تكلف وظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا هو أحد أدلتهم على إبطال القياس أيضا ، وقد حكى في الأحكام نحوه عن الآمدي رضي الله تعالى عنهما فقال : قال ابن عمر : اتهموا الرأي عن الدين فإن الرأي منا تكلف وظن ابن عمر وإن الظن لا يغني من الحق شيئا وأجاب عنه بأن غايته الدلالة على احتمال الخطأ فيه وليس فيه ما يدل على إبطاله ، وأن المراد بقوله : إن الظن إلخ استعمال الظن في مواضع اليقين وليس المراد به إبطال الظن بدليل صحة العمل بظواهر الكتاب والسنة ، ويقال نحو هذا في كلام رضي الله تعالى عنه ، وقد ذكر جملة من الآثار استدل بها المبطل على ما زعمه وردها كلها فمن أراد ذلك ليراجعه
عمر