وقوله تعالى: فلينظر الإنسان مم خلق متفرع على ما قبله وليست الفاء بفصيحة خلافا للطيبي؛ إذ لا يحتاج إلى حذف في استقامة الكلام إما على تقدير أن يكون الحافظ هو الله عز وجل أو الملك الذي وكله تعالى شأنه للحفظ على الوجه الذي سمعت؛ فلأنه لما أثبت سبحانه أن عليه رقيبا منه تعالى حثه على النظر المعرف لذلك مع أوصافه، كأنه قيل: فليعرف المهيمن عليه بنصبه الرقيب أو بنفسه، وليعلم رجوعه إليه تعالى، وليفعل ما يسر به حال الرجوع.
وعبر عن الأول بقوله تعالى: فلينظر ليبين طريقه المعرفة فهو بسط فيه إيجاز، وأدمج فيه الأخيران وإما على تقدير أن يكون المراد به العقل فلأنه لما أثبت سبحانه أن له عقلا يرشد إلى المصالح ويكف عن المضار حثه على استعماله فيما ينفعه وعدم تعطيله وإلغائه كأنه قيل: فلينظر بعقله وليتفكر به في مبدأ خلقه حتى يتضح له قدرة واهبه وأنه إذا قدر على إنشائه من مواد لم تشم رائحة الحياة قط فهو سبحانه على إعادته أقدر وأقدر فيعمل بما يسر به حين الإعادة وقد يقرر التفريع على جميع الأوجه بنحو واحد فتأمل. و مم خلق استفهام، ومن متعلقة بخلق، والجملة في موضع نصب ب «ينظر» وهي معلقة بالاستفهام.