حتى نرى الله جهرة حتى هنا حرف غاية، والجهرة في الأصل مصدر جهرت بالقراءة، إذا رفعت صوتك بها، واستعيرت للمعاينة بجامع الظهور التام، وقال : الجهر يقال لظهور الشيء بإفراط حاسة البصر، أو حاسة السمع، أما البصر فنحو: رأيته جهارا، وأما السمع فنحو: الراغب وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى وانتصابها على أنها مصدر مؤكد مزيل لاحتمال أن تكون الرؤية مناما، أو علما بالقلب، وقيل : على أنها حال على تقدير: ذوي جهرة، أو مجاهرين، فعلى الأول الجهرة من صفات الرؤية، وعلى الثاني من صفات الرائين، وثم قول ثالث، وهو أن تكون راجعة لمعنى القول، أو القائلين، فيكون المعنى: وإذ قلتم كذا (قولا) جهرة أو جاهرين بذلك القول غير مكترثين، ولا مبالين، وهو المروي عن رضي الله تعالى عنهما، ابن عباس وأبي عبيدة، وقرأ سهل بن شعيب وغيره (جهرة) بفتح الهاء، وهي إما مصدر كالغلبة، ومعناها معنى المسكنة، وإعرابها إعرابها، أو جمع جاهر كفاسق، وفسقة، وانتصابها على الحال.
فأخذتكم الصاعقة أي استولت عليكم، وأحاطت بكم، وأصل الأخذ القبض باليد، والصاعقة هنا نار من السماء أحرقتهم، أو جند سماوي سمعوا حسهم، فماتوا، أو صيحة سماوية خروا لها صعقين، ميتين يوما وليلة، واختلف في موسى هل أصابه ما أصابهم؟ والصحيح لا، وأنه صعق، ولم يمت لظاهر، ثم أفاق في حقه، وثم بعثناكم إلخ، في حقهم، وقرأ عمر رضي الله تعالى عنهما (الصعقة)، وعلي وأنتم تنظرون جملة حالية، ومتعلق النظر ما حل بهم من الصاعقة، أو أثرها الباقي في أجسامهم بعد البعث، أو إحياء كل منهم كما وقع في قصة العزير، قالوا : أحيا عضوا بعد عضو، والمعنى: وأنتم تعلمون أنها تأخذكم، أو: وأنتم يقابل بعضكم بعضا، قال في البحر : ولو ذهب ذاهب إلى أن المعنى: وأنتم تنظرون إجابة السؤال في حصول الرؤية لكم كان وجها من قولهم : نظرت الرجل أي انتظرته، كما قال:
فإنكما إن تنظراني ساعة من الدهر تنفعني لدى أم جندب
لكن هذا الوجه غير منقول، فلا أجسر على القول به، وإن كان اللفظ يحتمله،