قوله تعالى : وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا
أخرج ، عبد الرزاق ، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن وابن أبي حاتم قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله أبي هريرة والمعتوه، والأصم، والأبكم، والشيوخ الذين لم يدركوا الإسلام، ثم أرسل إليهم رسولا أن ادخلوا النار . فيقولون : كيف ولم تأتنا رسل؟ قال : وايم الله، لو دخلوها لكانت عليهم بردا وسلاما . ثم يرسل إليهم، فيطيعه من كان يريد أن يطيعه . قال أهل الفترة، اقرءوا إن شئتم : أبو هريرة : وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا .
وأخرج إسحاق بن راهويه، ، وأحمد وابن حبان، في "المعرفة"، وأبو نعيم ، والطبراني ، وابن مردويه في كتاب "الاعتقاد"، عن [ ص: 278 ] والبيهقي الأسود بن سريع، رجل أصم لا يسمع شيئا، ورجل أحمق، ورجل هرم، ورجل مات في الفترة، فأما الأصم فيقول : رب، لقد جاء الإسلام وما أسمع شيئا . وأما الأحمق فيقول : رب، جاء الإسلام والصبيان يحذفونني بالبعر . وأما الهرم فيقول : رب، لقد جاء الإسلام وما أعقل شيئا . وأما الذي مات في الفترة فيقول : رب، ما آتاني لك رسول . فيأخذ مواثيقهم ليطيعنه، فيرسل إليهم رسولا أن ادخلوا النار" . قال : "فوالذي نفس محمد بيده، لو دخلوها كانت عليهم بردا وسلاما، ومن لم يدخلها سحب إليها" . "أربعة يحتجون يوم القيامة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
وأخرج ابن راهويه، ، وأحمد ، وابن مردويه ، عن والبيهقي مثله، غير أنه قال في آخره : أبي هريرة "فمن دخلها كانت عليه بردا وسلاما، ومن لم يدخلها سحب إليها .
وأخرج قاسم بن أصبغ، ، والبزار ، وأبو يعلى في "التمهيد"، عن وابن عبد البر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنس "يؤتى يوم القيامة بأربعة؛ بالمولود، [ ص: 279 ] والمعتوه، ومن مات في الفترة، وبالشيخ الهرم الفاني، كلهم يتكلم بحجته، فيقول الرب تبارك وتعالى لعنق من جهنم : ابرزي . ويقول لهم : إني كنت أبعث إلى عبادي رسلا من أنفسهم، وإني رسول نفسي إليكم . فيقول لهم : ادخلوا هذه . فيقول : من كتب عليه الشقاء : يا رب أتدخلناها ومنها كنا نفر؟ قال : وأما من كتب له السعادة فيمضي فيها فيقتحم فيها، فيقول الرب تعالى : قد عاينتموني فعصيتموني، فأنتم لرسلي أشد تكذيبا ومعصية . فيدخل هؤلاء الجنة، وهؤلاء النار" .
وأخرج في "نوادر الأصول"، الحكيم الترمذي ، والطبراني ، عن وأبو نعيم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : معاذ بن جبل، "يؤتى يوم القيامة بالممسوخ عقلا، وبالهالك في الفترة، وبالهالك صغيرا، فيقول الممسوخ عقلا : يا رب، لو آتيتني عقلا، ما كان من آتيته عقلا بأسعد بعقله مني . ويقول الهالك في الفترة : يا رب، لو أتاني منك عهد، ما كان من أتاه منك عهد بأسعد بعهدك مني . ويقول الهالك صغيرا : يا رب، لو آتيتني عمرا، ما كان من آتيته عمرا بأسعد بعمره مني . فيقول الرب تبارك وتعالى : فإني آمركم بأمر، أفتطيعونني؟ فيقولون : [ ص: 280 ] نعم وعزتك . فيقول : اذهبوا فادخلوا جهنم . ولو دخلوها ما ضرتهم شيئا، فيخرج عليهم قوابص من نار، يظنون أنها قد أهلكت ما خلق الله من شيء، فيرجعون سراعا ويقولون : يا ربنا، خرجنا وعزتك نريد دخولها، فخرجت علينا قوابص من نار، ظننا أن قد أهلكت ما خلق الله من شيء . ثم يأمرهم ثانية فيرجعون كذلك، ويقولون كذلك، فيقول الرب : خلقتكم على علمي، وإلى علمي تصيرون، ضميهم . فتأخذهم النار" .
وأخرج عن ابن أبي شيبة قال : يحاسب يوم القيامة الذين أرسل إليهم الرسل، فيدخل الله الجنة من أطاعه، ويدخل النار من عصاه، ويبقى قوم من الولدان والذين هلكوا في الفترة ومن غلب على عقله، فيقول الرب تبارك وتعالى لهم : قد رأيتم، إنما أدخلت الجنة من أطاعني، وأدخلت النار من عصاني، [ ص: 281 ] وإني آمركم أن تدخلوا هذه النار . فيخرج لهم عنق منها، فمن دخلها كانت نجاته، ومن نكص فلم يدخلها كانت هلكته . أبي صالح
وأخرج في "نوادر الأصول" عن الحكيم الترمذي عبد الله بن شداد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه رجل فسأله عن ذراري المشركين الذين هلكوا صغارا، فوضع رأسه ساعة، ثم قال : "أين السائل؟" . فقال : هأنذا يا رسول الله . فقال : "إن الله تبارك وتعالى إذا قضى بين أهل الجنة والنار، لم يبق غيرهم، عجوا فقالوا : اللهم ربنا، لم تأتنا رسلك، ولم نعلم شيئا . فأرسل إليهم ملكا، والله أعلم بما كانوا عاملين، فقال : إني رسول ربكم إليكم . فانطلقوا فاتبعوا حتى أتوا النار، فقال : إن الله يأمركم أن تقتحموا فيها . فاقتحمت طائفة منهم، ثم أخرجوا من حيث لا يشعر أصحابهم، فجعلوا في السابقين المقربين، ثم جاءهم الرسول فقال : إن الله يأمركم أن تقتحموا في النار . فاقتحمت طائفة أخرى، ثم أخرجوا من حيث لا يشعرون، فجعلوا في أصحاب اليمين، ثم جاء الرسول فقال : إن الله يأمركم أن تقتحموا في النار . فقالوا : ربنا، لا طاقة لنا بعذابك . فأمر بهم فجمعت نواصيهم وأقدامهم ثم ألقوا في النار" .