قوله تعالى : ولا تقولن لشيء الآية .
أخرج عن ابن المنذر ، مجاهد أن قريشا اجتمعت فقالوا : يا محمد، قد رغبت عن ديننا ودين آبائك، فما هذا الدين الذي جئت به؟ قال : "هذا دين جئت به من الرحمن" . فقالوا : إنا لا نعرف الرحمن إلا رحمن [ ص: 515 ] اليمامة . يعنون مسيلمة الكذاب، ثم كاتبوا اليهود فقالوا : قد نبع فينا رجل يزعم أنه نبي، وقد رغب عن ديننا ودين آبائه، ويزعم أن الذي جاء به من الرحمن، قلنا : لا نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة، وهو أمين لا يخون، وفي لا يغدر، صدوق لا يكذب، وهو في حسب وثروة من قومه، فاكتبوا إلينا بأشياء نسأله عنها . فاجتمعت يهود فقالوا : إن هذا لوصفه وزمانه الذي يخرج فيه . فكتبوا إلى قريش : أن سلوه عن أمر أصحاب الكهف، وعن ذي القرنين، وعن الروح، فإن يكن الذي أتاكم به من الرحمن، فإن الرحمن هو الله عز وجل، وإن يكن من رحمن اليمامة ينقطع . فلما أتى ذلك قريشا، أتى الظفر في أنفسها فقالوا : يا محمد، قد رغبت عن ديننا ودين آبائك، فحدثنا عن أمر أصحاب الكهف، وذي القرنين، والروح . قال : "ائتوني غدا" . ولم يستثن، فمكث جبريل عنه ما شاء الله لا يأتيه، ثم أتاه فقال : "سألوني عن أشياء لم يكن عندي بها علم فأجيب [ ص: 516 ] حتى شق ذلك علي" . قال : ألم تر أنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة؟ وكان في البيت جرو كلب، ونزلت : ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهديني ربي لأقرب من هذا رشدا من علم الذي سألتموني عنه أن يأتي قبل غد، ونزل ما ذكر من أصحاب الكهف، ونزل : ويسألونك عن الروح الآية [الإسراء : 85] .
وأخرج عن ابن مردويه ، ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم حلف على يمين، فمضى له أربعون ليلة، فأنزل الله : ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله واستثنى النبي صلى الله عليه وسلم بعد أربعين ليلة .
وأخرج /سعيد بن منصور، ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، والحاكم ، عن وابن مردويه ، أنه كان يرى الاستثناء ولو بعد سنة . ثم قرأ : ابن عباس واذكر ربك إذا نسيت . قال : إذا ذكرت .
وأخرج ، ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن والطبراني في هذه الآية قال : إذا نسيت أن تقول لشيء : إني أفعله . فنسيت أن تقول : إن شاء الله . فقل إذا ذكرت : إن شاء الله . ابن عباس
[ ص: 517 ] وأخرج ، ابن أبي شيبة ، عن وابن المنذر في قوله : أبي العالية واذكر ربك إذا نسيت . قال : يستثني إذا ذكر .
وأخرج ، عن ابن المنذر في رجل حلف ونسي أن يستثني، قال : له ثنياه إلى شهر . ثم قرأ : سعيد بن جبير واذكر ربك إذا نسيت .
وأخرج ، من طريق ابن أبي حاتم عمرو بن دينار، عن ، أنه قال : من حلف على يمين فله الثنيا حلب ناقة . قال : وكان طاوس يقول : ما دام في مجلسه . عطاء
وأخرج عن ابن أبي حاتم قال : يستثني ما دام في كلامه . إبراهيم
وأخرج ، ابن أبي حاتم ، والطبراني ، وابن مردويه ، عن وابن عساكر في قوله : ابن عباس واذكر ربك إذا نسيت . قال : إذا نسيت الاستثناء فاستثن إذا ذكرت . قال : وهي خاصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس لأحدنا أن يستثني إلا في صلة يمين .
وأخرج عن سعيد بن منصور قال : كل استثناء موصول فلا حنث على صاحبه، وإذا كان غير موصول فهو حانث . ابن عمر
[ ص: 518 ] وأخرج في "الأسماء والصفات" عن البيهقي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ابن عمر "من حلف فقال : إن شاء الله . فإن شاء مضى، وإن شاء رجع غير حانث" .
وأخرج ، أحمد ، والبخاري ، ومسلم ، والنسائي في "الأسماء والصفات"، عن والبيهقي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبي هريرة سليمان بن داود عليهما السلام : لأطوفن الليلة على تسعين امرأة، تلد كل امرأة منهن غلاما يقاتل في سبيل الله . فقال له الملك : قل : إن شاء الله . فلم يقل، فطاف فلم تلد منهن إلا امرأة واحدة نصف إنسان" . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "والذي نفسي بيده، لو قال : إن شاء الله . لم يحنث، وكان دركا لحاجته" . "قال
وأخرج ، ابن أبي شيبة ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم في "شعب الإيمان"، عن والبيهقي في قوله : عكرمة واذكر ربك إذا نسيت . قال : إذا غضبت .
وأخرج في "الأسماء والصفات" عن البيهقي في قوله : الحسن واذكر ربك إذا نسيت . قال : إذا لم تقل إن شاء الله .
[ ص: 519 ] وأخرج من طريق البيهقي المعتمر بن سليمان قال : سمعت أبي يحدث، عن رجل من أهل الكوفة كان يقرأ القرآن، في الآية قال : إذا نسي الإنسان أن يقول : إن شاء الله . فتوبته من ذلك أن يقول : عسى أن يهديني ربي لأقرب من هذا رشدا .