قوله تعالى : ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء الآية .
أخرج عن ابن مردويه قال صهيب لما أردت الهجرة من مكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم قالت لي قريش : يا قدمت إلينا ولا مال لك وتخرج أنت ومالك والله لا يكون ذلك أبدا فقلت لهم : أرأيتم إن دفعت لكم مالي تخلون عني قالوا : نعم ، فدفعت إليهم مالي فخلوا عني فخرجت حتى قدمت صهيب المدينة فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال : « ربح البيع » مرتين . صهيب
وأخرج ابن سعد والحارث بن أبي أسامة في « مسنده » ، [ ص: 484 ] وابن المنذر ، وابن أبي حاتم في « الحلية » ، وأبو نعيم عن وابن عساكر قال سعيد بن المسيب أقبل مهاجرا نحو النبي صلى الله عليه وسلم فأتبعه نفر من صهيب قريش فنزل عن راحلته وانتثل ما في كنانته ثم قال : يا معشر قريش قد علمتم أني من أرماكم رجلا وايم الله لا تصلون إلي حتى أرمي بكل سهم في كنانتي ثم أضرب بسيفي ما بقي في يدي منه شيء ثم افعلوا ما شئتم وإن شئتم دللتكم على مالي وقنيتي بمكة وخليتم سبيلي ، قالوا : نعم ، فلما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم قال : « ربح البيع ربح البيع »، ونزلت ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رءوف بالعباد .
وأخرج ، الطبراني عن وابن عساكر في قوله ابن جريج ومن الناس من يشري نفسه قال : نزلت في صهيب بن سنان وأبي ذر .
وأخرج ابن جرير عن والطبراني في قوله عكرمة ومن الناس من يشري نفسه الآية ، قال نزلت في صهيب بن سنان وأبي ذر الغفاري وجندب بن السكن أخذ أهل أبي ذر فانفلت منهم [ ص: 485 ] فقدم على النبي صلى الله عليه وسلم فلما رجع مهاجرا عرضوا له وكانوا أبا ذر بمر الظهران فانفلت أيضا حتى قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وأما فأخذه أهله فافتدى منهم بماله ثم خرج مهاجرا فأدركه صهيب قنفذ بن عمير بن جدعان فخرج مما بقي من ماله وخلى سبيله .
وأخرج الطبراني والحاكم في « الدلائل »، والبيهقي عن وابن عساكر قال : صهيب لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة هممت بالخروج فصدني فتيان من قريش ثم خرجت فلحقني منهم ناس بعدما سرت بريدا ليردوني فقلت لهم : هل لكم أن أعطيكم أواقي من ذهب وتخلوا سبيلي ففعلوا ، فقلت : احفروا تحت أسكفة الباب فإن تحتها الأواقي وخرجت حتى قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قباء قبل أن يتحول منها فلما رآني قال : « يا أبا يحيى ربح البيع » ثلاثا فقلت : يا رسول الله ما سبقني إليك أحد وما أخبرك إلا جبريل .
وأخرج ابن المنذر وصححه عن والحاكم قال : أنس نزلت على النبي [ ص: 486 ] صلى الله عليه وسلم في خروج : صهيب ومن الناس من يشري نفسه الآية . فلما رآه قال : « يا أبا يحيى ربح البيع » . ثم تلا عليه الآية .
وأخرج عن ابن جرير في قوله قتادة ومن الناس من يشري نفسه الآية ، قال : هم المهاجرون والأنصار .
وأخرج وكيع ، والفريابي ، وعبد بن حميد ، وابن جرير عن وابن أبي حاتم قال : كنا في غزاة فتقدم رجل فقاتل حتى قتل فقالوا : ألقى بيده إلى التهلكة ، فكتب فيه إلى المغيرة بن شعبة فكتب عمر : ليس كما قالوا هو من الذين قال الله فيهم عمر ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله .
وأخرج ، عبد بن حميد عن وابن جرير قال : حمل محمد بن سيرين هشام بن عامر على الصف حتى خرقه فقالوا : ألقى بيده ، فقال أبو هريرة ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله .
وأخرج في « سننه » عن البيهقي مدرك بن عوف الأحمسي ، أنه كان جالسا عند فذكروا رجلا شرى نفسه يوم عمر نهاوند فقال : ذاك خالي زعم الناس أنه ألقى بنفسه إلى التهلكة ، فقال : كذب أولئك بل هو من [ ص: 487 ] الذين اشتروا الآخرة بالدنيا . عمر
وأخرج من طريق ابن عساكر عن الكلبي عن أبي صالح في قوله ابن عباس ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله قال : نزلت في وفي نفر من أصحابه أخذهم أهل صهيب مكة فعذبوهم ليردوهم إلى الشرك بالله منهم عمار وأمه وسمية وأبوه ياسر وبلال وخباب وعابس مولى حويطب بن عبد العزى .
وأخرج الطبراني في « الحلية » ، وأبو نعيم عن وابن عساكر صهيب لي »، فلما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج بعث صهيب مرتين أو ثلاثا إلى أبا بكر فوجده يصلي فقال صهيب للنبي صلى الله عليه وسلم : وجدته يصلي فكرهت أن أقطع عليه صلاته ، فقال : أصبت وخرجا من ليلتهما فلما أصبح خرج حتى أتى أبو بكر أم رومان زوجة فقالت : ألا أراك هاهنا وقد خرج أخواك ووضعا لك شيئا من زادهما قال أبي بكر : فخرجت حتى دخلت على زوجتي صهيب أم عمرو فأخذت سيفي وجعبتي وقوسي حتى أقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فأجده جالسين فلما رآني وأبا بكر قام إلي فبشرني [ ص: 488 ] بالآية التي نزلت في وأخذ بيدي فلمته بعض اللائمة فاعتذر وربحني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : « ربح البيع أبو بكر أبا يحيى » . أن المشركين لما أطافوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبلوا على الغار وأدبروا قال : « واصهيباه ولا
وأخرج ابن أبي خيثمة ، عن وابن عساكر مصعب بن عبد الله قال هرب من صهيب الروم ومعه مال كثير فنزل بمكة فعاقد عبد الله بن جدعان وحالفه وإنما أخذت الروم صهيبا من نينوى فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة لحقه فقالت له صهيب قريش : لا تفجعنا بأهلك ومالك فدفع إليهم ماله فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : « ربح البيع »، وأنزل الله في أمره ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله وأخوه مالك بن سنان .
وأخرج وصححه عن الحاكم قال : كنت قاعدا عند ابن عباس إذ جاءه كتاب : أن أهل عمر الكوفة قد قرأ منهم القرآن كذا وكذا فكبر فقلت : اختلفوا ، قال : من أي شيء عرفت ؟ قال : قلت قرأت ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا الآيتين فإذا فعلوا ذلك لم يصبر صاحب القرآن ثم قرأت وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله قال : صدقت والذي نفسي بيده [ ص: 489 ] وأخرج عن الحاكم عبد الله بن عبيد بن عمير قال : بينما مع ابن عباس وهو آخذ بيده فقال عمر : أرى القرآن قد ظهر في الناس فقلت : ما أحب ذلك يا أمير المؤمنين ، قال : لم؟ قلت : لأنهم متى يقرءوا يتقرءوا ومتى يتقرءوا يختلفوا ومتى ما يختلفوا يضرب بعضهم رقاب بعض ، فقال عمر : إن كنت لأكتمها الناس . عمر
وأخرج عن ابن جرير أن ابن زيد قرأ هذه الآية عند ابن عباس فقال : اقتتل الرجلان فقال له عمر بن الخطاب : ماذا قال : يا أمير المؤمنين أرى هاهنا من إذا أمر بتقوى الله أخذته العزة بالإثم وأرى من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله يقوم هذا فيأمر هذا بتقوى الله فإذا لم يقبل منه وأخذته العزة بالإثم قال هذا : وأنا أشري نفسي فقاتله فاقتتل الرجلان فقال عمر : لله درك يا عمر ابن عباس .
وأخرج عن عبد بن حميد ، أن عكرمة كان إذا تلا هذه الآية عمر بن الخطاب ومن الناس من يعجبك قوله إلى قوله ومن الناس من يشري نفسه قال : اقتتل الرجلان [ ص: 490 ] وأخرج ، وكيع وعبد بن حميد في « تاريخه » ، والبخاري ، وابن جرير وابن أبي حاتم عن والخطيب ، أنه قرأ هذه الآية فقال : اقتتلا ورب الكعبة . علي بن أبي طالب
وأخرج ، وكيع ، وعبد بن حميد عن وابن جرير صالح أبي خليل قال : سمع إنسانا يقرأ هذه الآية عمر وإذا قيل له اتق الله إلى قوله ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله فاسترجع فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون قام الرجل يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فقتل .
وأخرج ، ابن جرير عن وابن المنذر قال : أنزلت هذه الآية في المسلم لقي كافرا فقال له : قل لا إله إلا الله فإذا قلتها عصمت مني دمك ومالك إلا بحقها فأبى أن يقولها فقال المسلم : والله لأشرين نفسي لله فتقدم فقاتل حتى قتل . الحسن