قوله تعالى : لن تنالوا البر الآية .
أخرج ، مالك ، وأحمد ، وعبد بن حميد ، والبخاري ، ومسلم ، والترمذي ، والنسائي ، وابن المنذر ، عن وابن أبي حاتم قال : أنس أكثر أنصاري أبو طلحة بالمدينة نخلا، وكان أحب أمواله إليه بيرحاء، وكانت مستقبلة المسجد، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب، فلما نزلت : لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون . قال : يا رسول الله، إن الله يقول : أبو طلحة لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون . وإن أحب أموالي إلي بيرحاء، وإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بخ! ذلك مال رابح، ذلك مال رابح، وقد سمعت ما قلت، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين " . فقال : أفعل يا رسول الله . فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه . أبو طلحة كان
وأخرج ، عبد بن حميد ، ومسلم ، وأبو داود ، والنسائي ، عن وابن جرير قال : أنس لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون . قال : يا رسول الله، إن الله يسألنا من أموالنا، أشهد أني قد جعلت أرضي أبو [ ص: 661 ] طلحة بأريحاء لله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اجعلها في قرابتك " . فجعلها في حسان بن ثابت وأبي بن كعب . لما نزلت هذه الآية :
وأخرج ، أحمد ، وعبد بن حميد وصححه ، والترمذي ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن مردويه في " مكارم الأخلاق " ، عن والخرائطي قال : أنس لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون أو هذه الآية : من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا . قال : يا رسول الله، حائطي الذي بكذا وكذا صدقة، ولو استطعت أن أسره لم أعلنه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اجعله في فقراء أهلك " . أبو طلحة لما نزلت هذه الآية :
وأخرج ، عبد بن حميد ، عن والبزار قال : حضرتني هذه الآية : ابن عمر لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون . فذكرت ما أعطاني الله فلم أجد شيئا أحب إلي من مرجانة جارية لي رومية، فقلت : هي حرة لوجه الله، فلو أني أعود [ ص: 662 ] في شيء جعلته لله لنكحتها . فأنكحها نافعا .
وأخرج ، عبد بن حميد ، وابن جرير ، عن وابن المنذر أنه كتب إلى عمر بن الخطاب، أن يبتاع له جارية من سبي جلولاء . فدعا بها أبي موسى الأشعري فقال : إن الله يقول : عمر لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون . فأعتقها . عمر
وأخرج ، سعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، عن وابن أبي حاتم قال : محمد بن المنكدر لما نزلت هذه الآية : لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون جاء بفرس له يقال لها : سبل - لم يكن له مال أحب إليه منها - فقال : هي صدقة . فقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحمل عليها ابنه زيد بن حارثة فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك في وجه أسامة، زيد فقال : " إن الله قد قبلها منك " .
وأخرج ، عن ابن جرير عمرو بن دينار ، مثله . [ ص: 663 ] وأخرج ، عبد الرزاق ، من طريق وابن جرير عن معمر، أيوب وغيره، أنها حين نزلت : لن تنالوا البر الآية جاء بفرس له كان يحبها، فقال : يا رسول الله، هذه في سبيل الله . فحمل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة فكأن أسامة بن زيد، زيدا وجد في نفسه ، فلما رأى ذلك منه النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أما إن الله قد قبلها " .
وأخرج ، عبد بن حميد ، عن وابن عساكر ثابت بن الحجاج قال : بلغني لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون . قال زيد : اللهم إنك تعلم أنه ليس لي مال أحب إلي من فرسي هذه . فتصدق بها على المساكين، فأقاموها تباع وكانت تعجبه ، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فنهاه أن يشتريها . أنه لما نزلت هذه الآية :
وأخرج ، عن ابن جرير أن رجلا سأل ميمون بن مهران، : أي الأعمال أفضل؟ قال : الصلاة عماد الإسلام، والجهاد سنام العمل، والصدقة شيء عجيب . فقال : يا أبا ذر لقد تركت شيئا هو أوثق عملي في نفسي لا أراك ذكرته . قال : ما هو؟ قال : الصيام . فقال : قربة وليس هنا ، وتلا هذه الآية : أبا ذر، لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون .
وأخرج عن رجل من عبد بن حميد بني سليم قال : جاورت أبا ذر بالربذة وله فيها قطيع إبل ، له فيها راع ضعيف، فقلت : يا ألا أكون لك صاحبا [ ص: 664 ] أكنف راعيك وأقتبس منك بعض ما عندك، لعل الله أن ينفعني به؟ فقال أبا ذر : إن صاحبي من أطاعني، فإما أنت مطيعي فأنت لي صاحب، وإلا فلا . قلت : ما الذي تسألني فيه الطاعة؟ قال : لا أدعوك بشيء من مالي إلا توخيت أفضله . قال : فلبثت معه ما شاء الله، ثم ذكر له في أهل الماء حاجة، فقال : ائتني ببعير من الإبل . فتصفحت الإبل فإذا أفضلها فحلها، ذلول، فهممت بأخذه ثم ذكرت حاجتهم إليه فتركته وأخذت ناقة ليس في الإبل بعد الفحل أفضل منها، فجئت بها، فحانت منه نظرة فقال : يا أخا بني سليم، خنتني . فلما فهمتها منه خليت سبيل الناقة ورجعت إلى الإبل فأخذت الفحل فجئت به، فقال لجلسائه : من رجلان يحتسبان عملهما؟ قال رجلان : نحن . قال : إما لا، فأنيخاه ثم اعقلاه ثم انحراه ثم عدوا بيوت الماء فجزئوا لحمه على عددهم، واجعلوا بيت أبي ذر بيتا منها . ففعلوا ، فلما فرق اللحم دعاني فقال : ما أدري أحفظت وصيتي فظهرت بها أم نسيت فأعذرك . قلت : ما نسيت وصيتك، ولكن لما تصفحت الإبل وجدت فحلها أفضلها، فهممت بأخذه، فذكرت حاجتكم إليه فتركته . فقال : ما تركته إلا لحاجتي إليه؟ قلت : ما تركت إلا لذلك . قال : أفلا أخبرك بيوم حاجتي! إن يوم حاجتي يوم أوضع في حفرتي، فذلك يوم حاجتي ، إن في المال ثلاثة شركاء : القدر لا ينتظر أن يذهب بخيرها أو شرها، والوارث ينتظر متى تضع رأسك ثم يستفيئها وأنت ذميم، وأنت الثالث، [ ص: 665 ] فإن استطعت ألا تكونن أعجز الثلاثة فلا تكونن، مع أن الله يقول : أبو ذر لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون . وإن هذا الجمل كان مما أحب من مالي، فأحببت أن أقدمه لنفسي .
وأخرج ، عن أحمد قالت : عائشة . أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بضب فلم يأكله ولم ينه عنه، قلت : يا رسول الله، أفلا تطعمه المساكين؟ قال : " لا تطعموهم مما لا تأكلون "
وأخرج في " الحلية " ، عن طريق أبو نعيم ، عن مجاهد ، أنه لما نزلت : ابن عمر لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون . دعا بجارية له فأعتقها .
وأخرج ، في " الزهد " ، أحمد ، وابن المنذر ، عن وابن أبي حاتم قال : قرأ مجاهد وهو يصلي فأتى على هذه الآية : ابن عمر لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون . فأعتق جارية له وهو يصلي، أشار إليها بيده .
وأخرج عن ابن المنذر قال : كان نافع يشتري السكر فيتصدق به، فنقول له : لو اشتريت لهم بثمنه طعاما كان أنفع لهم من هذا . فيقول : إني أعرف الذي تقولون، ولكن سمعت الله يقول : ابن عمر لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما [ ص: 666 ] تحبون . وإن يحب السكر . ابن عمر
وأخرج ، ابن المنذر ، عن وابن أبي حاتم في قوله : ابن مسعود لن تنالوا البر . قال : الجنة .
وأخرج ، عن ابن جرير عمرو بن ميمون، ، مثله . والسدي
وأخرج عن ابن المنذر ، مثله . مسروق
وأخرج ، عبد بن حميد ، وابن جرير ، عن وابن المنذر في الآية قال : لن تنالوا بر ربكم حتى تنفقوا مما يعجبكم، ومما تهوون من أموالكم، قتادة وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم . يقول : محفوظ ذلك لكم، الله به عليم شاكر له .