قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا الآية .
أخرج البخاري، ، وأبو داود ، والنسائي ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم في "سننه"، من طريق والبيهقي عن عكرمة، في قوله : ابن عباس يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها قال : كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته؛ إن شاء بعضهم تزوجها، وإن شاءوا زوجوها، وإن شاءوا لم يزوجوها، فهم أحق بها من أهلها، فنزلت هذه الآية في ذلك .
[ ص: 286 ] وأخرج من وجه آخر عن أبو داود عن عكرمة، في هذه الآية قال : كان الرجل ابن عباس أو ترد إليه صداقها، فأحكم الله عن ذلك . أي : نهى عن ذلك . يرث امرأة ذي قرابته فيعضلها حتى تموت،
وأخرج ، ابن جرير ، من طريق وابن أبي حاتم عن علي، في هذه الآية قال : كان الرجل إذا مات وترك جارية ألقى عليها حميمه ثوبه فمنعها من الناس، فإن كانت جميلة تزوجها، وإن كانت دميمة حبسها حتى تموت فيرثها، وهي قوله : ابن عباس ولا تعضلوهن يعني : لا تقهروهن، لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن يعني : الرجل تكون له المرأة وهو كاره لصحبتها، ولها عليه مهر فيضر بها لتفتدي .
وأخرج ، ابن جرير ، من طريق وابن المنذر عن عطاء، قال : كان الرجل إذا مات أبوه أو حميمه كان أحق بامرأته، إن شاء أمسكها أو يحبسها حتى تفتدي منه بصداقها، أو تموت فيذهب بمالها، قال ابن عباس عطاء بن أبي رباح : وكان أهل الجاهلية إذا هلك الرجل فترك امرأة حبسها أهله على الصبي يكون فيهم، فنزلت : لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها .
[ ص: 287 ] وأخرج النسائي، ، وابن جرير ، عن وابن أبي حاتم قال : لما توفي أبي أمامة بن سهل بن حنيف أبو قيس بن الأسلت أراد ابنه أن يتزوج امرأته، وكان لهم ذلك في الجاهلية، فأنزل الله : لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها .
وأخرج ، ابن جرير ، عن وابن المنذر قال : عكرمة نزلت هذه الآية في كبيشة ابنة معن بن عاصم من الأوس، كانت عند أبي قيس بن الأسلت فتوفي عنها فجنح عليها ابنه، فجاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : لا أنا ورثت زوجي، ولا أنا تركت فأنكح، فنزلت هذه الآية .
وأخرج ، من طريق ابن جرير العوفي ، عن ، أن رجالا من أهل ابن عباس المدينة كان إذا مات حميم أحدهم ألقى ثوبه على امرأته فورث نكاحها، فلم ينكحها أحد غيره، وحبسها عنده حتى تفتدي منه بفدية، فأنزل الله : يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها .
وأخرج ، عبد بن حميد ، عن وابن أبي حاتم أبي مالك قال : كانت المرأة في الجاهلية إذا مات زوجها جاء وليه فألقى عليها ثوبا، فإن كان له ابن صغير أو [ ص: 288 ] أخ حبسها عليه حتى يشب أو تموت فيرثها، فإن هي انفلتت فأتت أهلها ولم يلق عليها ثوبا نجت، فأنزل الله : لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها .
وأخرج ، وابن سعد، عبد الرزاق ، عن وابن جرير في الآية قال : نزلت في ناس من الأنصار كانوا إذا مات الرجل منهم فأملك الناس بامرأته وليه، فيمسكها حتى تموت فيرثها، فنزلت فيهم . الزهري
وأخرج عن ابن أبي حاتم في الآية قال : كان أهل زيد بن أسلم يثرب إذا مات الرجل منهم في الجاهلية ورث امرأته من يرث ماله، فكان يعضلها حتى يتزوجها أو يزوجها من أراد، وكان أهل تهامة يسيء الرجل صحبة المرأة حتى يطلقها ويشترط عليها أن لا تنكح إلا من أراد حتى تفتدي منه ببعض ما أعطاها، فنهى الله المؤمنين عن ذلك .
وأخرج ، عبد الرزاق ، وابن جرير ، عن وابن المنذر عبد الرحمن بن البيلماني في قوله : لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن قال : نزلت هاتان الآيتان إحداهما في أمر الجاهلية، والأخرى في أمر الإسلام، قال ابن المبارك : أن ترثوا النساء كرها في الجاهلية ولا تعضلوهن في [ ص: 289 ] الإسلام .
وأخرج ، عبد بن حميد ، عن وابن أبي حاتم أبي مالك في قوله : ولا تعضلوهن قال : لا تضر بامرأتك لتفتدي منك .
وأخرج ، عبد بن حميد ، عن وابن جرير : مجاهد ولا تعضلوهن يعني أن ينكحن أزواجهن، كالعضل في سورة "البقرة" .
وأخرج عن ابن جرير قال : كان العضل في ابن زيد قريش بمكة؛ ينكح الرجل المرأة الشريفة فلعلها لا توافقه فيفارقها على أن لا تتزوج إلا بإذنه، فيأتي بالشهود فيكتب ذلك عليها ويشهد، فإذا خطبها خاطب فإن أعطته وأرضته أذن لها وإلا عضلها .
وأخرج ، من طريق ابن جرير عن علي، في قوله : ابن عباس إلا أن يأتين بفاحشة مبينة قال : البغض والنشوز، فإذا فعلت ذلك فقد حل له منها الفدية .
وأخرج عن ابن جرير مقسم : (ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يفحشن) . في قراءة ، وقال : إذا آذتك فقد حل لك أخذ ما أخذت منك . ابن مسعود
وأخرج عن عبد بن حميد : قتادة إلا أن يأتين بفاحشة مبينة [ ص: 290 ] يقول : إلا أن ينشزن، وفي قراءة ابن مسعود (إلا أن يفحشن) . وأبي بن كعب :
وأخرج عن ابن جرير قال : الفاحشة هنا النشوز . الضحاك
وأخرج ، عبد الرزاق ، وابن جرير ، عن وابن المنذر في الرجل إذا أصابت امرأته فاحشة : أخذ ما ساق إليها وأخرجها، فنسخ ذلك الحدود . عطاء الخراساني
وأخرج عن ابن جرير : الحسن إلا أن يأتين بفاحشة قال : الزنى، فإذا فعلت حل لزوجها أن يكون هو يسألها الخلع .
وأخرج عن ابن المنذر أبي قلابة، وابن سيرين قالا : لا يحل الخلع حتى يوجد رجل على بطنها؛ لأن الله يقول : إلا أن يأتين بفاحشة .
وأخرج عن ابن جرير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : جابر «اتقوا الله في النساء؛ فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، وإن لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف» .
وأخرج عن ابن جرير ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ابن عمر «أيها الناس، إن النساء عندكم عوان، أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، [ ص: 291 ] ولكم عليهن حق، ومن حقكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا، ولا يعصينكم في معروف، وإذا فعلن ذلك فلهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف» .
وأخرج ، ابن جرير ، عن وابن أبي حاتم في قوله : السدي وعاشروهن قال : خالطوهن، قال : صحفه بعض الرواة، وإنما هو : خالقوهن . ابن جرير
وأخرج عن ابن المنذر قال : حقها عليك الصحبة الحسنة، والكسوة، والرزق بالمعروف . عكرمة
وأخرج عن ابن أبي حاتم : مقاتل وعاشروهن بالمعروف يعني صحبتهن بالمعروف، فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا فيطلقها فتتزوج من بعده رجلا، فيجعل الله له منها ولدا، ويجعل الله في تزويجها خيرا كثيرا .
وأخرج ، ابن جرير ، عن وابن أبي حاتم : ابن عباس ويجعل الله فيه خيرا كثيرا قال : الخير الكثير أن يعطف عليها فيرزق الرجل ولدها، ويجعل الله في ولدها خيرا كثيرا .
وأخرج ، عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن وابن أبي حاتم في الآية قال : فعسى الله أن يجعل في الكراهية خيرا كثيرا . مجاهد
[ ص: 292 ] وأخرج ، ابن جرير ، عن وابن أبي حاتم : السدي ويجعل الله فيه خيرا كثيرا قال : الولد .
وأخرج عن ابن المنذر قال : إذا وقع بين الرجل وبين امرأته كلام، فلا يعجل بطلاقها، وليتأن بها، وليصبر، فلعل الله سيريه منها ما يحب . الضحاك
وأخرج عن عبد بن حميد في الآية قال : عسى أن يمسكها وهو لها كاره فيجعل الله فيها خيرا كثيرا، قال : وكان قتادة الحسن يقول : عسى أن يطلقها فتزوج غيره فيجعل الله له فيها خيرا كثيرا .