وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرءوف رحيم
وتحمل أثقالكم جمع: ثقل وهو: متاع المسافر. وقيل: أثقالكم أجرامكم. إلى بلد قال رضي الله عنهما: أريد به ابن عباس اليمن ، ومصر ، والشام . ولعله نظر إلى أنها متاجر أهل مكة . وقال عكرمة: أريد به مكة. ولعله نظر إلى أن أثقالهم وأحمالهم عند القفول من متاجرهم أكثر، وحاجتهم إلى الحمولة أمس، والظاهر أنه عام لكل بلد سحيق. لم تكونوا بالغيه واصلين إليه بأنفسكم، مجردين عن الأثقال لولا الإبل. إلا بشق الأنفس فضلا عن استصحابها معكم. وقرئ: بفتح الشين. وهما لغتان. بمعنى: الكلفة والمشقة. وقيل: المفتوح مصدر من شق الأمر عليه شقا، وحقيقته راجعة إلى الشق الذي هو الصدع، والمكسور النصف. كأنه يذهب نصف القوة لما يناله من الجهد، فالإضافة إلى الأنفس مجازية، أو على تقدير مضاف، أي: وإلا بشق قوى الأنفس، وهو استثناء مفرغ من أعم الأشياء، أي: لم تكونوا بالغيه بشيء من الأشياء إلا بشق الأنفس، ولعل تغيير النظم الكريم السابق الدال على كون الأنعام مدارا للنعم السابقة إلى الجملة الفعلية المفيدة لمجرد الحدوث للإشعار بأن [ ص: 98 ] هذه النعمة ليست في العموم بحسب المنشأ، وبحسب المتعلق. وفي الشمول للأوقات، والاطراد في الأحيان المعهودة بمثابة النعم السالفة، فإنها بحسب المنشأ، وخاصة بالإبل. وبحسب المتعلق بالضاربين في الأرض، المتقلبين فيها للتجارة، وغيرها في أحايين غير مطردة، وأما سائر النعم المعدودة فموجودة في جميع أصناف الأنعام، وعامة لكافة المخاطبين دائما، أو في عامة الأوقات. إن ربكم لرءوف رحيم ولذلك أسبغ عليكم هذه النعم الجليلة، ويسر لكم الأمور الشاقة.