وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربهم إلا أن تأتيهم سنة الأولين أو يأتيهم العذاب قبلا
وما منع الناس أي: أهل مكة الذين حكيت أباطيلهم. أن يؤمنوا من أن يؤمنوا بالله تعالى، ويتركوا ما هم فيه من الإشراك. إذ جاءهم الهدى أي: القرآن العظيم الهادي إلى الإيمان بما فيه من فنون المعاني الموجبة له. ويستغفروا ربهم عما فرط منهم من أنواع الذنوب [ ص: 230 ] التي من جملتها مجادلتهم للحق بالباطل إلا أن تأتيهم سنة الأولين أي: إلا طلب إتيان سنتهم، أو إلا انتظار إتيانها، أو إلا تقديره فحذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه. وسنتهم الاستئصال. أو يأتيهم العذاب أي: عذاب الآخرة. قبلا أي: أنواعا. جمع قبيل، أو عيانا كما في قراءة (قبلا) بكسر القاف وفتح الباء، وقرئ: بفتحتين، أي: مستقبلا. يقال: لقيته قبلا وقبلا وقبلا. وانتصابه على الحالية من الضمير، أو "العذاب". والمعنى: أن ما تضمنه القرآن الكريم من الأمور المستوجبة للإيمان بحيث لو لم يكن مثل هذه الحكمة القوية لما امتنع الناس من الإيمان، وإن كانوا مجبولين على الجدل المفرط.