وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون
وحرام على قرية أي : ممتنع على أهلها غير متصور منهم . وقرئ : "حرم" وهي لغة كالحل والحلال . أهلكناها قدرنا هلاكها أو حكمنا به لغاية طغيانهم وعتوهم .
وقوله تعالى : أنهم لا يرجعون في حيز الرفع على أنه مبتدأ خبره حرام ، أو فاعل له ساد مسد خبره ، والجملة لتقرير مضمون ما قبلها من قوله تعالى : "كل إلينا راجعون" . وما في "أن" من معنى التحقيق معتبر في النفي المستفاد من حرام لا في المنفي ، أي : ممتنع البتة عدم رجوعهم إلينا للجزاء لا أن عدم رجوعهم المحقق ممتنع ، وتخصيص امتناع عدم رجوعها بالذكر مع شمول [ ص: 85 ] الامتناع لعدم رجوع الكل حسبما نطق به قوله تعالى : "كل إلينا راجعون" لأنهم المنكرون للبعث والرجوع دون غيرهم . وقيل : ممتنع رجوعهم إلى التوبة على أن "لا" صلة . وقرئ : "إنهم لا يرجعون" بالكسر على أنه استئناف تعليلي لما قبله ، فحرام خبر مبتدإ محذوف ، أي : حرام عليها ذلك ، وهو ما ذكر في الآية السابقة من العمل الصالح المشفوع بالإيمان والسعي المشكور ، ثم علل بقوله تعالى : "أنهم لا يرجعون" عما هم عليه من الكفر ، فكيف لا يمتنع ذلك ؟ ويجوز حمل المفتوحة أيضا على هذا المعنى بحذف اللام عنها ، أي : لأنهم لا يرجعون .