وأصحاب مدين وكذب موسى فأمليت للكافرين ثم أخذتهم فكيف كان نكير
وأصحاب مدين أي : رسلهم ممن ذكر ومن لم يذكر ، وإنما حذف لكمال ظهور المراد ، أو لأن المراد نفس الفعل ، أي : فعلت التكذيب قوم نوح إلى آخره .
وكذب موسى غير النظم الكريم بذكر المفعول وبناء الفعل له لا لأن قومه بنو إسرائيل - وهم لم يكذبوه - وإنما كذبه القبط ، لما أن ذلك إنما يقتضي عدم ذكرهم بعنوان كونهم قوم موسى لا بعنوان آخر على أن بني إسرائيل أيضا قد كذبوه مرة بعد أخرى حسبما ينطق به قوله تعالى : لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة ونحو ذلك من الآيات الكريمة ، بل للإيذان بأن تكذيبهم له كان في غاية الشناعة لكون آياته في كمال الوضوح .
وقوله تعالى : فأمليت للكافرين أي : أمهلتهم حتى انصرمت حبال آجالهم ، والفاء لترتيب إمهال كل فريق من فرق المكذبين على تكذيب ذلك الفريق لا لترتيب إمهال الكل على تكذيب الكل ، ووضع الظاهر موضع الضمير العائد إلى المكذبين لذمهم بالكفر والتصريح بمكذبي موسى عليه السلام حيث لم يذكروا فيما قبل صريحا . ثم أخذتهم أي : أخذت كل فريق من فرق المكذبين بعد انقضاء مدة إملائه وإمهاله .
فكيف كان نكير أي : إنكاري عليهم بالإهلاك ، أي : فكان ذلك في غاية ما يكون من الهول والفظاعة .