وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شيء قدير
وقوله تعالى: وما أفاء الله على رسوله شروع في بيان حال ما أخذ من أموالهم بعد بيان ما حل بأنفسهم من العذاب العاجل والآجل وما فعل بديارهم ونخيلهم من التخريب والقطع أي: ما أعاده إليه من مالهم، وفيه إشعار بأنه كان حقيقا بأن يكون له عليه الصلاة والسلام وإنما وقع في أيديهم بغير حق فرجعه الله تعالى إلى مستحقه لأنه تعالى خلق الناس لعبادته وخلق ما خلق ليتوسلوا به إلى طاعته فهو جدير بأن يكون للمطيعين. منهم أي: من بني النضير. فما أوجفتم عليه أي: فما أجريتم على تحصيله وتغنمه من الوجيف وهو سرعة السير. من خيل ولا ركاب هي ما يركب من الإبل خاصة كما أن الراكب عندهم راكبها لا غير وأما راكب الفرس فإنما يسمونه فارسا ولا واحد لها من لفظها وإنما الواحدة منها راحلة، والمعنى: ما قطعتم لها شقة بعيدة ولا لقيتم مشقة شديدة ولا قتالا شديدا وذلك لأنه كانت قراهم على ميلين من المدينة فمشوا إليها مشيا وما كان فيهم راكب إلا النبي عليه الصلاة والسلام فأفتحها صلحا من غير أن يجري بينهم مسابقة كأنه قيل: وما أفاء الله على رسوله منهم فما حصلتموه بكد اليمين وعرق الجبين. ولكن الله يسلط رسله على من يشاء أي: سنته تعالى جارية على أن يسلطهم على من يشاء من أعدائهم تسليطا خاصا وقد سلط النبي عليه الصلاة والسلام على هؤلاء تسليطا غير معتاد من غير أن تقتحموا مضايق الخطوب وتقاسوا شدائد الحروب فلا حق لكم في أموالهم. والله على كل شيء قدير فيفعل ما يشاء كما يشاء تارة على الوجوه المعهودة وأخرى على غيرها.