هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين
هو الذي بعث في الأميين أي: في العرب لأن أكثرهم لا يكتبون ولا يقرءون، قيل: بدئت الكتابة بالطائف أخذوها من أهل الحيرة وهم من أهل الأنبار. رسولا منهم أي: كائنا من جملتهم أميا مثلهم. يتلو عليهم آياته مع كونه أميا مثلهم لم يعهد منه قراءة ولا تعلم. ويزكيهم صفة أخرى لـ"رسولا" معطوفة على "يتلو" أي: يحملهم على ما يصيرون به أزكياء من خبائث العقائد والأعمال. ويعلمهم الكتاب والحكمة صفة أخرى لـ"رسولا" مترتبة في الوجود على التلاوة وإنما وسط بينهما التزكية التي هي عبارة عن تكميل النفس بحسب قوتها العملية وتهذيبها المتفرغ وعلى تكميلها بحسب القوة النظرية الحاصل بالتعليم المترتب على التلاوة للإيذان بأن كلا من الأمور المترتبة نعمة جليلة على حيالها مستوجبة للشكر، فلو روعي ترتيب الوجود لتبادر إلى الفهم كون الكل نعمة واحدة كما مر في سورة البقرة وهو السر في التعبير عن القرآن تارة بالآيات وأخرى بالكتاب والحكمة رمزا إلى أنه باعتبار كل عنوان نعمة على حدة ولا يقدح فيه شمول الحكمة لما في تضاعيف الأحاديث النبوية من الأحكام والشرائع. وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين من الشرك وخبث الجاهلية وهو بيان لشدة افتقارهم إلى من يرشدهم وإزاحة لما عسى يتوهم من تعلمه عليه الصلاة والسلام من الغير و"إن" هي المخففة واللام هي الفارقة.