فصل في جملة من ( كره في صلاة ) فقط ( سدل وهو طرح ثوب على كتفيه ) أي المصلي ( ولا يرد طرفه ) أي الثوب ( على ) الكتف ( الأخرى ) سواء كان تحته ثوب أو لا . والنهي فيه صحيح عن أحكام اللباس في الصلاة وغيرها وخبر علي نقل هنا ليس بصحيح ، لكن رواه أبي هريرة أبو داود بإسناد جيد لم يضعفه قال في الفروع . أحمد
وإن رد طرفه على الكتف الأخرى . وفي الإقناع وغيره : أو ضم طرفيه بيديه لم يكره ، ولا بأس بطرح القباء على كتفيه بلا إدخال يديه في كميه .
( و ) كره أيضا في صلاة وهو أن يضطبع بثوب ليس عليه غيره ) لحديث ( اشتمال الصماء قال { أبي هريرة } أخرجوه . نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يحتبي الرجل في الثوب الواحد ليس على فرجه منه شيء ، وأن يشتمل الصماء بالثوب الواحد ، ليس على أحد شقيه منه ، يعني شيء
[ ص: 156 ] والاضطباع : أن يجعل وسط الرداء تحت عاتقه الأيمن وطرفيه على عاتقه الأيسر . فإن كان تحته ثوب فلا كراهة ، وإن لم يكن وبدت عورته في الصلاة بطلت ، إلا أن يكون يسيرا ، وإن احتبى وعليه ثوب يستر عورته جاز ، وإلا حرم .
( و ) كره أيضا في صلاة ( تغطية وجه ، وتلثم على فم وأنف ) لحديث مرفوعا { أبي هريرة } رواه نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يغطي الرجل فاه أبو داود .
وفيه دليل على كراهة تغطية الوجه لاشتماله على تغطية الفم ، وقياسه : تغطية الأنف ، وفي تغطية الوجه تشبه بالمجوس عند عبادتهم النيران ، ولأنه ربما منع تحقيق الحروف .
( و ) كره أيضا في صلاة ( لف كم ) لقوله صلى الله عليه وسلم { } متفق عليه . زاد في الرعاية : وتشميره ومحل كراهة تغطية وجه وما بعده : إن كان ( بلا سبب ) قال ولا أكف شعرا ولا ثوبا : لا بأس بتغطية الوجه لحر أو برد . وقياسه : كف الكم ونحوه ، أحمد
فإن كان السدل وما بعده في غير صلاة لم يكره .
( و ) كره ( مطلقا ) في صلاة وغيرها لحديث ( تشبه بكفار ) مرفوعا { ابن عمر } رواه من تشبه بقوم فهو منهم أحمد وأبو داود . وقال الشيخ تقي الدين : أقل أحواله أي هذا الحديث أن يقتضي تحريم التشبه ، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم .
وقال : ولما صارت العمامة الصفراء والزرقاء من شعارهم : حرم لبسهما .
( و ) كره أيضا مطلقا ; لأنه من التشبه بالنصارى . وظاهر نقل جعل صفة ( صليب في ثوب ونحوه ) كعمامة وخاتم صالح : تحريمه ، وصوبه في الإنصاف .
( و ) كره أيضا مطلقا ( شد وسط ) بفتح السين ( ب ) شيء ( شبه ) شد ( زنار ) بوزن تفاح لما فيه من التشبه باليهود وقد نهى صلى الله عليه وسلم النبي عن التشبه بهم .
فقال { اليهود } رواه لا تشتملوا اشتمال أبو داود . فأما شد الرجل وسطه بما لا يشبه ذلك . فقال : لا بأس به . أليس قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { أحمد } وقال لا يصلي أحدكم إلا وهو محتزم أبو طالب : سألت عن الرجل يصلي وعليه القميص ، يأتزر بالمنديل ؟ قال : نعم فعل ذلك أحمد . ابن عمر
( و ) كره شد وسط ( أنثى مطلقا ) أي سواء كان يشبه شد زنار أو لا ; لأنه يبين به حجم عجيزتها ، وتبين به تقاطيع بدنها . وحمله صاحب الإقناع على ما إذا كانت في الصلاة فقط ، دون خارجها .
واستدل له ( و ) كره أيضا ( مشي بنعل واحدة ) لقوله صلى الله عليه وسلم : { } متفق عليه من حديث لا يمشي أحدكم في نعل واحدة ، ونصه : ولو يسيرا ، لإصلاح الأخرى لحديث أبي هريرة [ ص: 157 ] { مسلم } وأيضا عن إذا انقطع شسع نعل أحدكم فلا يمش في الأخرى حتى يصلحها ، وفيه { جابر } ولأنه من الشهرة . ولا خف واحد
ويسن كون النعل أصفر والخف أحمر وذكر من أصحابنا أو أسود . ويسن تعاهدها عند باب المسجد ، وكان لنعله صلى الله عليه وسلم قبالان بكسر القاف وهو السير بين الوسطى والتي تليها ، وهو حديث صحيح واستحب الشيخ أبو المعالي تقي الدين وغيره : الصلاة في النعل الطاهر . وقال صاحب النظم : الأولى حافيا . وفي الإقناع : لا يكره . الانتعال قائما
وفي النظم : يكره ، ولعله جالسا أولى ( و ) كره أيضا مطلقا ( لبسه ) أي الرجل لا المرأة ( معصفرا ) لحديث لبس خف وإزار وسراويل قائما قال { ابن عمر } وعن رأى النبي صلى الله عليه وسلم علي ثوبين معصفرين ، فقال : إن هذه من ثياب الكفار ، فلا تلبسها عن أبيه عن جده { عمرو بن شعيب } رواه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى عليه ريطة مضرجة بالعصفر . فقال : ما هذه ؟ قال : فعرفت ما كره . فأتيت أهلي وهم يسجرون تنورهم ، فقذفتها فيه . ثم أتيته فأخبرته ، فقال : ألا كسوتها بعض أهلك ؟ فإنه لا بأس بذلك للنساء أبو داود . وابن ماجه
( في غير إحرام ) فلا يكره المعصفر فيه نصا ( و ) كره أيضا لبس رجل ( مزعفرا ) لأنه صلى الله عليه وسلم { } متفق عليه ( و ) كره أيضا لبس رجل ( أحمر مصمتا ) لحديث نهى الرجال عن التزعفر قال { ابن عمر } وظاهره : ولو بطانة ، مر على النبي صلى الله عليه وسلم رجل عليه بردان أحمران ، فسلم فلم يرد النبي صلى الله عليه وسلم عليه
فإن لم يكن مصمتا أي منفردا ، فلا كراهة وعليه حمل لبسه صلى الله عليه وسلم الحلة الحمراء .
( و ) كره أيضا ، وهو المقور ) لأنه يشبه لبس رهبان الملكيين من لبس رجل ( طيلسانا النصارى . ولا يكره لبس غير المقور .
( و ) يكره أيضا لبسه ( جلدا مختلفا في نجاسته وافتراشه ) مع الحكم بطهارته ، خروجا من الخلاف ، ومع الحكم بنجاسته يحرم ، إلا ما نجس بموته ودبغ ، كما سبق .
و ( لا ) يكره ( ) لأن حرمتها ليست كحرمة الآدمي ، ويحرم إلباسها ذهبا وفضة ، قال الشيخ إلباسه ) أي الجلد المختلف في نجاسته ( دابته تقي الدين : وحريرا .
( و ) يكره ( ) نصا . ولعله لئلا تبدو عورته ( أو تحت كعبه بلا حاجة ) للخبر . فإن كان ثم حاجة كحموشة ساقه كون ثيابه ) أي الرجل ( فوق نصف ساقه
لم يكره ، إن لم يقصد التدليس ( و ) يباح ( للمرأة زيادة ) ذيلها ( إلى ذراع ) لحديث قالت [ ص: 158 ] { أم سلمة } رواه يا رسول الله ، كيف تصنع النساء بذيولهن ؟ قال : يرخين شبرا ، فقالت : إذن تنكشف أقدامهن قال : فيرخين ذراعا لا يزدن عليه أحمد والنسائي والترمذي وحسنه ( وحرم أن يسبلها ) أي ثياب الرجل ( بلا حاجة خيلاء ) قميصا كانت أو إزارا أو سراويل أو عمامة ، في الصلاة وغيرها ، لحديث { } متفق عليه ، ويجوز لحاجة بلا خيلاء ( في غير حرب ) وفيه : لا يحرم لإرهاب العدو . من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه
( و ) حرم ( حتى على أنثى لبس ما فيه صورة حيوان وتعليقه ، وستر جدر به ، وتصويره )
لقوله صلى الله عليه وسلم { } وقال { إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ، ويقال : لهم أحيوا ما خلقتم } رواه إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة عن البخاري . عائشة
وعن { جابر } رواه نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصورة في البيت ، ونهى أن يصنع ذلك الترمذي ، وقال : حسن صحيح . وإن أزيل من الصورة ما لا يبقى معه حياة لم يكره . نصا ، ومثله صورة شجر ونحوه ، وكذا تصويره .
و ( لا ) يحرم ( ) ولا يكره ، لأنه صلى الله عليه وسلم { افتراشه ) أي المصور ( وجعله مخدا } رواه اتكأ على مخدة فيها صورة . أحمد
( و ) حرم ( على غير أنثى ) من رجل وخنثى ( حتى كافر ، ولو ) كان ( بطانة ) لحديث لبس ما كله وما غالبه ظهورا حرير قال قال النبي صلى الله عليه وسلم { عمر } متفق عليه . لا تلبسوا الحرير ، فإنه من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة
وكون { عمر بعث بما أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم إلى أخ له مشرك } متفق عليه : ليس فيه أنه أذن له في لبسها . وقد { بعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى عمر وعلي وأسامة } ولم يلزم منه إباحة لبسه ، والكفار مخاطبون بفروع الشريعة ( و ) وحرم أيضا على غير أنثى ( افتراشه ) أي الحرير
لحديث { حذيفة } رواه نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن نشرب في آنية الذهب والفضة ، وأن نأكل فيها أو أن نلبس الحرير والديباج ، وأن نجلس عليه . و ( لا ) يحرم افتراشه ( تحت ) حائل ( صفيق ) فيجوز أن يجلس على الحائل ( ويصلي عليه ) لأنه حينئذ مفترش للحائل ، مجانب للحرير . البخاري
( و ) يحرم أيضا على غير أنثى ( ، فيدخل فيه : بشخانة وخيمة ونحوهما ، وحرم الأكثر استعماله مطلقا ، استناد إليه ، وتعليقه ) أي الحرير
فدخل فيه : تكة وشرابة مفردة ، وخيط مسبحة .
( و ) يحرم أيضا ( كتابة مهر فيه ) أي في الحرير . وقيل : يكره ، وعليه العمل .
( و ) يحرم أيضا ( لأنه استعمال له ، أشبه لبسه ( غير ستر جدر به ) أي بالحرير الكعبة [ ص: 159 ] المشرفة ) زادها الله تعظيما وتشريفا فيجوز سترها بالحرير . وكلام يدل على أنه محل وفاق أبي المعالي
. إذا كان ( بلا ضرورة ) كبرد أو حكة أو مرض أو قمل ، لحديث ومحل تحريم استعمال الحرير { أنس عبد الرحمن بن عوف شكوا القمل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فرخص لهما في قميص الحرير ورأيته عليهما والزبير } متفق عليه ، وما ثبت في حق صحابي يثبت في حق غيره ، إذ لا دليل على اختصاصه به ، وقس على القمل غيره مما يحتاج فيه إلى لبس الحرير . أن
( و ) حرم أيضا على غير أنثى إلا خوذة أو مغفرا أو جوشنا ونحوها بفضة ، ثوب ( منسوج ) بذهب أو فضة ( ومموه بذهب ، أو فضة )
وكذا ما طلي أو كفت أو طعم بأحدهما كما تقدم في الآنية ، وما حرم استعماله حرم تمليكه وتملكه لذلك ، وعمل خياطته لمن حرم عليه وأجرته ، نصا . و ( لا ) يحرم ( مستحيل لونه ) من ذهب أو فضة ( ولم يحصل منه شيء ) لو عرض على النار ، لزوال علة التحريم من السرف والخيلاء ، وكسر قلوب الفقراء .
( و ) لا يحرم أيضا ( بأن كان ظهورهما على السواء ، ولو زاد الحرير وزنا فلا يحرم ، لأن الغالب ليس بحرير ، فينتفي دليل الحرمة . حرير ساوى ما نسج معه ) من قطن أو كتان أو صوف ونحوه ( ظهورا )
ويبقى أصل الإباحة ( و ) لا يحرم أيضا ( خز ) أي ( وهو ما سدي بإبريسم ) أو حرير ( وألحم بصوف ، أو وبر ونحوه ) كقطن وكتان . لحديث ثوب يسمى الخز قال { ابن عباس ، أما علم وسدى الثوب فليس به بأس الثوب المصمت من الحرير } رواه إنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أبو داود . والأثرم
وأما ، فهو كحرير خالص في ذلك وإن سمي الآن خزا ، قاله في الرعاية ( أو ) أي ولا يحرم ( خالص ) من حرير ( لمرض أو حكة ) سواء أثر في زوالها أو لا لما تقدم ( أو ) خالص ( لحرب ) مباح إذا تراءى الجمعان إلى انقضاء القتال ( ولو بلا حاجة ) نصا ; لأن المنع من لبسه لما فيه من الخيلاء ، وهو غير مذموم في الحرب ( ولا ) يحرم ( الكل ) وهو ما عمل من سقط الحرير ومشاقته وما يلقيه الصانع من فمه من تقطيع الطاقات إذا دق وغسل ونسج ، ما فيه صورة والحرير والمنسوج بذهب أو فضة ( لحاجة ) بأن عدم غيره
قال ابن تميم : أبيح ، وقال غيره : يجوز مثل ذلك من الذهب ، كدرع مموه به لا يستغنى عن لبسه وهو محتاج إليه ( وحرم من احتاج إلى لبس الحرير لحر أو برد أو تحصن من عدو ونحوه وعكسه ) وهو تشبه أنثى [ ص: 160 ] برجل ( في لباس وغيره ) لأنه صلى الله عليه وسلم { تشبه رجل بأنثى } رواه لعن المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال { البخاري } رواه ولعن أيضا الرجل يلبس لبس المرأة والمرأة تلبس لبس الرجل أحمد وأبو داود .
قال في الآداب الكبرى : إسناده صحيح . فيحرم عليها العصائب الكبار التي تشبه عمائم الرجال .
( و ) حرم أيضا على ولي ( ) فلا تصح صلاته فيه لعموم قوله صلى الله عليه وسلم { إلباس صبي ما حرم على رجل } ولقول حرام على ذكور أمتي { جابر } رواه كنا ننزعه عن الغلمان ونتركه على الجواري أبو داود ، وكون الصبيان محلا للزينة مع تحريم الاستمتاع بهم أبلغ في التحريم ( فلا تصح صلاته فيه ) ، أي في الثوب الحرير .
( ، ولأنه يسير ( و ) يباح أيضا ( أزرار وخياطة به ) أي الحرير . لأنه يسير . ويباح من حرير كيس مصحف ) تعظيما له
( و ) يباح أيضا ) لأنه لا فخر فيه ، ولا عجب ولا خيلاء . وليس لبسا له ولا افتراشا ( و ) يباح أيضا من حرير ( علم ثوب وهو طرازه ) لما تقدم عن من حرير ( حشو جباب وفرش . ابن عباس
ويباح أيضا من حرير ( لبنة جيب ، وهو الزيق ) أي المحيط بالعنق ( والجيب ما يفتح على نحر أو طوق ) .
وفي القاموس : وجيب القميص ونحوه بالفتح : طوقه ( و ) يباح أيضا من حرير ( رقاع وسجف فراء ) ونحوها قدر أربع أصابع فما دون .
و ( لا ) يباح من ذلك ( فوق أربع أصابع مضمومة ) لحديث { عمر } رواه نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الحرير إلا موضع أصبعين أو ثلاث أو أربع . وإذا مسلم ففي المستوعب لبس ثيابا في كل ثوب من الحرير ما يعفى عنه ولو جمع صار ثوبا وابن تميم : لا بأس به ، وفي الرعاية . لا يحرم ، بل يكره .
" تتمة " يسن أن دون سعته كثيرا ، فلا تتأذى اليد بحر ولا برد ، ولا تمنعها خفة الحركة والبطش . يأتزر الرجل فوق سرته ويشد سراويله فوقها ، وسعة كم قميص المرأة يسيرا وقصره ، وطول كم قميص الرجل عن أصابعه قليلا . ويكره رقيق يصف البشرة وخلاف زي أهل بلده بلا عذر ، ومزرية وكثرة الإرفاه . وزي أهل الشرك وثوب شهرة ما يشتهر به عند الناس ويشار إليه بالأصابع لئلا يحملهم على غيبته فيشاركهم في الإثم . ويباح ثوب من صوف ووبر وشعر من حيوان طاهر
ويباح ، حتى للنساء لبس السواد والقباء . والمشي في قبقاب خشب
قال : إن كان حاجة ، ويكره أحمد نصا . وقال : لا بأس أن يلبس للوضوء . وفي الرعاية : يسن لبس نعل صرارة ، [ ص: 161 ] ومجلسه ، والتطيب في بدنه وثوبه ، والتحنك والذؤابة وإرسالها خلفه . قال الشيخ التواضع في اللباس ، ولبس البياض والنظافة في بدنه وثوبه تقي الدين : وإطالتها كثيرا من الإسبال ، قول " الحمد لله الذي كساني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة " وأن يتصدق بالخلق العتيق النافع . ويسن لمن لبس ثوبا جديدا