وقوله تعالى : فكلوا منها يقتضي إيجاب الأكل منها ، إلا أن أهل العلم متفقون على أن الأكل منها غير واجب ، وجائز أن يكون مستحبا مندوبا إليه ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال صلى الله عليه وسلم : كنت نهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث فكلوا وادخروا يأكل من لحم أضحيته . أنه أكل من البدن التي ساقها في حجة الوداع ، وكان لا يأكل يوم الأضحى حتى يصلي صلاة العيد ثم
وروى عن أبو بكر بن عياش أبي إسحاق عن قال : بعث معي علقمة عبد الله بهديه فقلت له : ماذا تأمرني أن أصنع به ؟ قال : " إذا كان يوم عرفة فعرف به وإذا كان يوم النحر فانحره صواف فإذا وجب لجنبه فكل ثلثا وتصدق بثلث وابعث إلى أهل أخي ثلثا " .
وروى عن نافع ، كان يفتي في النسك والأضحية ثلث لك ولأهلك وثلث في جيرانك وثلث للمساكين " . وقال ابن عمر عبد الملك عن مثله ، قال : " وكل شيء من البدن واجبا كان أو تطوعا فهو بهذه المنزلة إلا ما كان من جزاء صيد أو فدية من صيام أو صدقة أو نسك أو نذر مسمى للمساكين " . وقد روى عطاء طلحة بن عمرو عن عن عطاء قال : ابن مسعود أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق بثلثها ونأكل ثلثها ونعطي الجازر ثلثها ، والجازر غلط ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لعلي ، وجائز أن [ ص: 82 ] يكون الجازر صحيحا ، وإنما أمرنا بإعطائه من غير أجرة الجزارة ، وإنما نهى أن يعطى الجازر منها من أجرته . ولما ثبت جواز الأكل منها ، دل ذلك على جواز إعطائه الأغنياء ؛ لأن كل ما يجوز له أكله يجوز أن يعطي منه الغني كسائر أمواله . لا تعط الجازر منها شيئا
وإنما قدروا الثلث للصدقة على وجه الاستحباب ؛ لأنه لما جاز له أن يأكل بعضه ويتصدق ببعضه ، ويهدي بعضه على غير وجه الصدقة كان الذي حصل للصدقة الثلث ، وقد قدمنا قبل ذلك أنه لما وقال الله تعالى : قال صلى الله عليه وسلم في لحوم الأضاحي : فكلوا وادخروا فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير حصل الثلث للصدقة . وقوله تعالى : فكلوا منها عطفا على البدن يقتضي عمومه جواز لشمول اللفظ لها . الأكل من بدن القران والتمتع