باب الكتابة الحالة 
قال الله تعالى : فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا  فاقتضى ذلك جوازها حالة ومؤجلة لإطلاقه ذلك من غير شرط الأجل ، والاسم يتناولها في حال التعجيل والتأجيل كالبيع والإجارة وسائر العقود ، فواجب جوازها حالة لعموم اللفظ . 
وقد اختلف الفقهاء في ذلك ، فقال  أبو حنيفة   وزفر   وأبو يوسف   ومحمد   : ( تجوز الكتابة الحالة  فإن أداها حين طلبها المولى منه وإلا رد في الرق ) . وقال  ابن القاسم  عن  مالك  في رجل قال : كاتبوا عبدي على ألف ولم يضرب لها أجلا : ( إنها تنجم على المكاتب على قدر ما يرى من كتابة مثله وقدر قوته ) قال : ( فالكتابة عند الناس منجمة ولا تكون حالة إن أبى ذلك السيد ) . وقال  الليث   : ( إنما جعل التنجيم على المكاتب رفقا بالمكاتب ولم يجعل ذلك رفقا بالسيد )  . 
وقال المزني  عن  الشافعي   : ( لا تجوز الكتابة على أقل من نجمين ) . 
قال  أبو بكر   : قد ذكرنا دلالة الآية على جوازها حالة ، وأيضا لما كان مال الكتابة بدلا عن الرقبة كان بمنزلة أثمان الأعيان المبيعة فتجوز عاجلة وآجلة . 
وأيضا لا يختلفون في جواز العتق على مال حال فوجب أن تكون الكتابة مثله ؛ لأنه بدل عن العتق في الحالين ، إلا أن في أحدهما العتق معلق على شرط الأداء وفي الآخر معجل ، فوجب أن لا يختلف حكمهما في جوازهما على بدل عاجل . 
فإن قيل : العبد لا يملك فيحتاج بعد الكتابة إلى مدة يمكنه الكسب فيها ، فوجب أن لا تجوز إلا مؤجلة ؛ إذ كانت تقتضي الأداء ومتى امتنع الأداء لم تصح الكتابة . 
قيل له : هذا غلط ؛ لأن عقد الكتابة يوجب ثبوت المال في ذمته للمولى ويصير بها المكاتب في يد نفسه ويملك أكسابه وتصرفه ، وهو بمنزلة سائر الديون الثابتة في الذمم التي يجوز العقد  [ ص: 185 ] عليها ، ولو كانت هذه علة صحيحة لوجب أن لا يجوز العتق على مال حال ؛ لأنه لم يكن مالكا لشيء قبل العقد وإن جاز ذلك ؛ لأنه يملك في المستقبل بعد العتق ، فكذلك المكاتب يملك أكسابه بعقد الكتابة ؛ ولوجب أيضا أن لا يجوز شرى الفقير لابنه بثمن حال ؛ لأنه لا يملك شيئا ، وأن يعتق عليه إذا ملكه فلا يقدر على الأداء . 
فإن قلت إنه يملك أن يستقرض ، قلنا في المكاتب مثله 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					