قوله تعالى : فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما [ ص: 247 ] وقعودا وعلى جنوبكم قال : أطلق الله تعالى الذكر في غير هذا الموضع وأراد به الصلاة في قوله : أبو بكر الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم يروى أن رأى الناس يصيحون في المسجد فقال : ما هذا النكر ؟ قالوا : أليس الله يقول : عبد الله بن مسعود الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ؟ فقال : إنما يعني بهذه الصلاة المكتوبة إن لم تستطع قائما فقاعدا ، وإن لم تستطع فصل على جنبك . وروي عن : الحسن الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم هذه رخصة من الله . للمريض أن يصلي قاعدا وإن لم يستطع فعلى جنبه
فهذا الذكر المراد به نفس الصلاة ؛ لأن الصلاة ذكر الله تعالى ، وفيها أيضا أذكار مسنونة ومفروضة . وأما فإذا قضيتم الصلاة فليس هو الصلاة ، ولكنه على أحد وجهين : الذكر الذي في قوله تعالى :
إما الذكر بالقلب ، وهو الفكر في عظمة الله وجلاله وقدرته وفيما في خلقه وصنعه من الدلائل عليه وعلى حكمه وجميل صنعه .
والذكر الثاني : بالتعظيم والتسبيح والتقديس ؛ وروي عن الذكر باللسان قال : " لم يعذر أحد في ترك الذكر إلا مغلوبا على عقله " ، والذكر الأول أشرفهما وأعلاهما منزلة . والدليل على أنه لم يرد بهذا الذكر الصلاة أنه أمر به بعد الفراغ منها بقوله تعالى : ابن عباس فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم