ولما ذكر المبدأ ونبه على زواله، وختم بأن المقصود منه الاختبار للرفعة بالثواب أو الضعة بالعقاب، وكان الخزي والصغار، أعظم شيء ترهبه النفوس الكبار، لا سيما إذا عظم الجمع واشتد الأمر، فكيف إذا انضم إليه الفقر فكيف إذا صاحبهما الحبس وكان يوم الحشر يوما يجمع فيه الخلائق، فهو بالحقيقة المشهود، وتظهر فيه العظمة فهو وحده المرهوب، عقب ذكر الجزاء ذكره، لأنه أعظم يوم يظهر فيه، فقال تعالى عاطفا على واضرب ويوم أي واذكر لهم يوم نسير الجبال عن وجه الأرض بعواصف القدرة كما يسير نبات الأرض - بعد أن صار هشيما - بالرياح وترى الجبال [ ص: 71 ] تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب وترى الأرض بكمالها بارزة لا لا غار فيها ولا صدع ولا جبل ولا نبت ولا شجر ولا ظل "و" الحال أنا قد حشرناهم أي الخلائق بعظمتنا قبل التسيير بتلك الصيحة، قهرا إلى الموقف الذي ينكشف فيه المخبآت، وتظهر الفضائح والمغيبات، ويقع الحساب فيه على النقير والقطمير، والنافذ فيه بصير، فينظرون ويسمعون زلازل الجبال عند زوالها، وقعاقع الأبنية والأشجار في هدها وتباين أوصالها، وفنائها بعد عظيم مرآها واضمحلالها فلم نغادر أي نترك بما لنا من العظمة منهم أي الأولين والآخرين أحدا لأنه لا ذهول ولا عجز.