[ ص: 120 ] ولما كان كل من الغصب والمسكنة سببا لفعله، قدمها على الغصب، إشارة إلى أن أقوى السببين الحاملين على فعله الرأفة بالمساكين وأما الغلام أي الذي قتلته فكان أبواه مؤمنين وكان هو مطبوعا على الكفر - كما يأتي في حديث رضي الله عنه. أبي
ولما كان يحتمل عند الخضر عليه السلام أن يكون هذا الغلام مع كفره في نفسه سببا لكفر أبويه إن كبر، وكان أمر الله له بقتله مثل فعل من يخشى ذلك، أسند الفعل إليهما في قوله: فخشينا أن يرهقهما أي يغشيهما ويلحقهما إن كبر بمحبتهما له أو بجراءته وقساوته طغيانا أي تجاوزا في الظلم وإفراطا فيه وكفرا لنعمتهما فيفسد دنياهما أو يحملهما حبهما له على الطغيان والكفر بالله طاعة فيفسد دينهما، روى في القدر مسلم في السنة وأبو داود في [ ص: 121 ] التفسير عن والترمذي عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: أبي بن كعب الخضر طبع كافرا، ولو عاش لأرهق أبويه طغيانا وكفرا" وهذا حديث: إن الغلام الذي قتله يدل على أن العذاب - على ما لو وجد شرطه لوقع - إنما يكون على ما كان جبلة وطبعا، لا ما كان عارضا، وإلا لعذب الأبوان على تقدير أن يكون المعلوم من الكفر منهما. "الله أعلم بما كانوا عاملين"