يا يحيى خذ الكتاب أي التوراة بقوة
ولما كانت النبوة لا يستضلع بأمرها ويقوى على حملها إلا عند استحكام العقل ببلوغ الأشد. وكان التطويق على أمرها قبل ذلك من العظمة بمكان، دل عليه النون في قوله: وآتيناه بما لنا من [ ص: 179 ] العظمة الحكم أي النبوة [والفهم للتوراة ] صبيا لغلبة الروح عليه، وهذه الخارقة لم تقتض الحكمة أن تكون لنبينا صلى الله عليه وسلم لأن قومه لا عهد لهم بالنبوة، فكانوا إذا كذبوا لا يكون لهم من أنفسهم ما يلزمهم من التناقض، فعوض أعظم من ذلك بغرائز الصدق التي أوجبت له تسميته بالأمين ليكونوا بذلك مكذبين لأنفسهم في تكذيبهم له. وبمزيد إبقاء معجزته القرآنية بعده تدعو الناس إلى دينه [دعاء لا مرد له -]