ولما كان المنهج القويم بحيث يكون سببا للاجتماع عند كل صحيح المزاج، عجب منهم في استثمار غير ذلك منه فقال: فاختلف أي فتسبب عن هذا السبب للاجتماع أنه اختلف الأحزاب الكثيرون. ولما كان الاختلاف لم يعم جميع المسائل التي في شرعهم [قال -]: من بينهم أي بني إسرائيل المخاطبين بذلك خاصة لم تكن فيهم فرقة من غيرهم في هذه المقالة القويمة التي لا تنبغي لمن له أدنى مسكة أن يتوقف في قبولها، فمنهم من علم أنها الحق فاتبعها ولم يحد عن صوابها، ومنهم من أبعد في الضلال عنها بشبه لا شيء أوهى منها; روي عن أنه اجتمع من أحبار بني إسرائيل أربعة: قتادة يعقوب ونسطور وملكا وإسرائيل، فقال يعقوب: عيسى هو الله نزل إلى الأرض فكذبه الثلاثة واتبعه اليعقوبية، وقال نسطور: عيسى ابن الله فكذبه الاثنان واتبعه النسطورية، وقال ملكا: عيسى أحد [ ص: 199 ] ثلاثة: الله إله، ومريم إله، وعيسى إله، فكذبه الرابع واتبعه طائفة، وقال إسرائيل: عيسى عبد الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، فاتبعه فريق من بني إسرائيل، ثم اقتتل الأربعة فغلب المؤمنون وقتلوا وظهرت اليعقوبية على الجميع - ذكر معناه أبو حيان ورواه عن وابن كثير عن عبد الرزاق عن معمر قتادة فويل أي فتسبب عن اختلافهم أنا نقول: ويل للذين كفروا منهم ومن غيرهم من مشهد يوم عظيم في جمعه لجميع الخلائق، وما فيه من الأهوال والقوارع.