ولما بين أنه لا نفع فيما يعبده، ونبهه على الوصف المقتضي لوجوب الاقتداء به، بين له ما في عبادة معبوده من الضر فقال: يا أبت لا تعبد الشيطان فإن الأصنام ليس لها دعوة أصلا، والله تعالى قد حرم عبادة غيره مطلقا على لسان كل [ ص: 206 ] ولي له، فتعين أن يكون الآمر بذلك الشيطان، فكان هو المعبود بعبادتها في الحقيقة; ثم علل هذا النهي فقال: إن الشيطان البعيد من كل خير [المحترق باللعنة -]، وذكر الوصف الموجب للإملاء للعاصي فقال: كان للرحمن المنعم بجميع النعم القادر على سلبها، ولم يقل: للجبار - لئلا يتوهم أنه ما أملى لعاصيه مع جبروته إلا للعجز عنه عصيا بالقوة من حين خلق، وبالفعل من حين أمره بالسجود لأبيك آدم فأبى فهو عدو لله وله، والمطيع للعاصي لشيء عاص لذلك الشيء، لأن صديق العدو عدو.